رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

.. ثم ماذا بعد؟!


انتهت عملية الاستفتاء، وفاز الرئيس عبد الفتاح السيسي بثقة ٨٨،٨٪؜ من الناخبين، قرابة ٢٣ مليونا، وعارضه نحو ثلاثة ملايين مواطن، وأبطل نحو ٨٠٠ ألف أصواتهم عمدا أو جهلا أوسهوا أو عندا أكثر!


بإعلان النتيجة النهائية مساء الثلاثاء الماضي، تصير مدة الرئاسة الجارية ستة أعوام، وتتبقى للرئيس في المدة الحالية خمس سنوات، يترشح عند انقضائها ٢٠٢٤ أو لا يترشح، وفقا لقراره، وإذا ترشح يختاره الناس في انتخابات عامة، لا استفتاء لست سنوات أخرى، أو لا يختارونه.. وفقا للمزاج العام وللقرار العام.

لن ينجح الرئيس، أو لن ينجح في الترشح التالي للمدة إذن إلا في انتخابات، وما كان اللجوء للاستفتاء هذا إلا خضوعا للنص الدستورى.

حسنا.. ماذا بعد؟
سيكون لنا مجلس شيوخ، وسيكون لرئيس الجمهورية جوازا لا إجبارا، اختيار نائب أو أكثر، وستكون مدة الرئاسة التالية لأي رئيس، ست سنوات، ولن يحق للسيسي أن يتقدم لفترة تالية. لا توجد مدد مفتوحة لأحد.

ماذا بعد؟
أهم ما أسفرت عنه عملية فرز الأصوات هو رقم الثلاثة ملايين الذين قالوا لا نريد تعديلا على الدستور، مهما كانت أسبابهم. يجب احترام هذه النتيجة الكاشفة. ويجب احترام أن هذه الكتلة التصويتية نزلت للإدلاء بصوتها. ويجب، من ناحية أخرى، أن ندرك أن هذه الكتلة فيها من فيها من الإخوان والبردعاوية ونسبة من السلفية... رغم رفع شعارات وبنرات التأييد.. ثم قوم كثيرون ممن لا يعجبهم الحال.

ومن عجب أن الدستور هذا، قبل التعديل، كان موضع سخط كثيرين وقت وضعه، لما فيه من عيوب وثقوب، نتيجة تناقضات الجماعة الخمسينية التي أفرزته تحت طلق متتابع من المزايدات والشعارات! وكان عمرو موسى القابلة الماهرة!

ثم ماذا بعد؟
أيا كانت مكونات الثلاثة ملايين، فمن العقل ومن العدل أن تضعهم الدولة في حسبانها وهي تعمل ثم وهي تشرع. ولو انتهى الرقم إلى مليونين فهم معارضة شريفة ينبغي تشجيعها وحمايتها دستوريا، وسياسيا، لأن العقل الثاني خير مع العقل الأول، أما الفرحان بعقله والرافض لأي عقل غير عقله، فالعاقبة كارثية، والدروس والعبر من حولنا، لا يعمى عنها إلا من غلبه الهوى.

ثم ماذا بعد؟
بالموافقة على التعديلات، تكون الدولة قطعت ثلاثة أرباع المسافة أو العمق نحو التثبيت، ونحو الاستقرار، رغم الحرائق على الحدود. بالطبع الأخطار لا تزال محيطة ومتربصة، لكن المعارضة الوطنية مع القيادة الوطنية يشكلان دروعا واقية ودفاعية عن البلد ومؤسساته، وتحمى الشباب من التجنيد عبر شبكات الإغواء الدينى والمخابراتى.

ولسوف تجرى انتخابات جديدة لاختيار أعضاء مجلس الشيوخ، بعد وضع القانون المنفذ للنص الدستورى الجديد، وكثيرون يستهجنون هذه الغرفة التشريعية، رغم اهميتها، بسبب من أنها بلا جدوى ولها مصروفات، وشهرتها بأنها مكافأة للمحاسيب والمرضى عنهم!

مجلس الشيوخ يضم عادة الأكفاء والخبرات، وهو بمثابة مراجع لمشروعات القوانين، ونتمنى أن تكون له صلاحية تصويتية على غرار الـSenate.

وبطبيعة الحال لن يكون لهذا كله من جدوى بدون التوسع في الحريات العامة، وهي ليست منحة، بل حقا دستوريا، ربما حدت منه فعاليات القلق الإقليمي المحيط بالجهات الإستراتيجية الأربع لمصر.. لكن بدون توسيع نطاق الممارسة وخلق معارضة لن تحصل مصر على حياة حزبية سليمة.

بدأت مرحلة جديدة في حياة الوطن، وفترة زمنية غير ضاغطة على حلم الرئيس السيسي، وسوف تتيح للبلد ورئيسه رؤية المزيد من المشروعات في المجالات كافة: حجرا وبشرا.
Advertisements
الجريدة الرسمية