رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أمريكا تعيد إشعال النيران بالمنطقة!


في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 كانت أمريكا قد أعدت العدة لمرحلة جديدة في مشروعها التقسيمي والتفتيتى لمنطقة الشرق الأوسط، عبر ما عرف إعلاميا بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، الذي يعتمد على مفهوم الفوضى الخلاقة الذي يعنى "تشكيل حالة سياسية بعد مرحلة من الفوضى المتعمدة، لأحداث يقوم بها أشخاص بعينهم، دون الكشف عن هويتهم، وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحهم"..


وعلى الرغم من وجود جذور قديمة للمفهوم إلا أنه لم يطفٌ على السطح إلا بعد الغزو الأمريكى للعراق في عهد الرئيس جورج بوش الابن عبر تصريح لوزيرة خارجيته "كونداليزا رايس" في حديث أدلت به إلى صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في شهر أبريل 

(نيسان) 2005، حيث أعلنت عن نية بلادها لنشر الديمقراطية بالعالم العربي عبر الفوضى الخلاقة التي ستدعمها الإدارة الأمريكية.

وبالفعل بدأ العدو الأمريكى منذ ذلك التاريخ يجهز أدواته داخل مجتمعات الشرق الأوسط، وكانت أبرز هذه الأدوات هي الجماعات التكفيرية الإرهابية، إلى جانب بعض الأفراد المبهورين بالثقافة الأمريكية ومفاهيمها البراقة، والذين تم اختيارهم بعناية وتدريبهم على تكتيكات الثورات الملونة ودعمهم بالمال ليتفرغوا للقيام بالمهمة الموكلة إليهم..

وساعد على نجاح المخططات الأمريكية في تونس ومصر واليمن تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للغالبية العظمى من المواطنين، وتكلس النظام السياسي وعجزه عن القيام بمهامه في وضع سياسات تحقق قدر من التنمية والعدالة الاجتماعية، لذلك عندما قامت أمريكا بإشعال النيران داخل هذه المجتمعات اشتعلت بسهولة.

أما في الحالة الليبية فقد اضطرت إلى استخدام التدخل العسكري المباشر لمساعدة الأدوات التكفيرية، حتى يتمكن من إشعال النيران والتخلص من نظام معمر القذافى الذي ظل لسنوات طويلة يناهض السياسات الأمريكية ويسبح ضد التيار، لذلك وجب التخلص منه وتقسيم وتفتيت بلاده والاستيلاء على ثرواتها، وعبر الأرض الليبية يتم حشد آلاف التكفيريين على الحدود المصرية لتهديد الأمن القومى المصرى، باعتبار مصر هي الجائزة الكبرى في هذا المشروع.

وبالطبع كانت المهمة أكثر صعوبة في الحالة السورية، حيث حافظت سورية على مشروعها القومى العروبي المقاوم في مواجهة الغطرسة الأمريكية والصهيونية، فالمجتمع بقيادته وجيشه وتركيبته الديموغرافية المتماسكة عصي على الاشتعال، لكن أمريكا كانت تدرك ذلك فقامت باستخدام العديد من الأدوات منها الأدوات التكفيرية بالداخل والخارج، وإلى جانب ذلك نشطت أدواتها في الضغط عبر الجنرال "إعلام" لإشعال نيران الفتنة الطائفية، وكلما ازدادت المقاومة والتصدى للمشروع ازداد سكب المزيد من الزيت لإشعال النيران، ولم تشتعل النيران إلا بتوظيف المال من بعض الدول الخليجية لدعم التكفيريين وتسليحهم في مواجهة الجيش العربي السورى، ودارت المعارك على كامل الجغرافيا العربية السورية في حرب كونية لم يشهدها مجتمع في تاريخ البشرية.

وكان حصاد إشعال النيران في موجته الأولى فادحا، حيث تمكنت الأدوات التكفيرية من الوصول لسدة الحكم في تونس ومصر، وشبح التقسيم والتفتيت أصبح يخيم على ليبيا واليمن، واعتقدت أمريكا أن مخططها قد نجح لكن سرعان ما تمكن الجيش المصري من إعادة السيطرة على مقاليد الحكم والإطاحة بالتكفيريين من سدة الحكم ودخل في مواجهة مع الإرهاب على كامل الجغرافيا في سيناء إلى جانب تأمين الحدود الغربية مع ليبيا..

وفى ذات الوقت صمدت سورية صمودا أسطوريا وتمكن الجيش العربي السورى من تجفيف منابع الإرهاب على الأرض السورية، وبذلك بدأت النيران المشتعلة تخفت وتنطفئ، وهو ما أصاب أمريكا بالجنون، كيف تمكنا الجيشان المصرى والسورى من إفشال مشروع التقسيم والتفتيت، وفضح مخططات أمريكا وإبطال مفعول الفوضى الخلاقة.

لذلك قرر العدو الأمريكى مع نهاية العام 2018 وبداية العام 2019 اشعال نيران جديدة لتجديد مشروعه التقسيمى والتفتيتي، وهذه المرة في دولتين جديدتين هما الجزائر والسودان، هذا إلى جانب تحمية النيران بالداخل الليبي، وبذلك تكون تونس محاصرة بالنيران القابلة للاشتعال، لوجود حدودها مع ليبيا والجزائر، وتشتد النيران حول مصر حيث أصبحت محاصرة من كل الاتجاهات..

 نيران العدو الصهيونى من الشرق المغذية للتكفيريين في سيناء.. والنيران الليبية من الغرب، والنيران السودانية من الجنوب، وبالطبع مازالت النيران مشتعلة في الشمال السورى، في الوقت الذي تحاول فيه أمريكا إشعال النيران في جبهة الجولان المحتل بقرار سيادة العدو الصهيونى عليه، وسبق ذلك إشعال مزيد من النيران التي لم تنطفئ يوما بالأراضى الفلسطينية المحتلة بإعلانه القدس عاصمة أبدية للعدو الصهيونى.

وبذلك تكون أمريكا قد جددت مشروعها التقسيمى والتفتيتى، وأدخلت مفهوم الفوضى الخلاقة مرحلة جديدة من مراحل تطورها، عبر إشعال النيران بالجزائر والسودان، وبالطبع ظروف المجتمعين مؤهلة للاشتعال نتيجة بقاء بوتفليقة على رأس السلطة السياسية رغم مرضه وفقدانه القدرة على ممارسة مهام الحكم، وعجز البشير ونظامه من توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة للغالبية العظمى من المواطنين..

وفى اللحظة التي انطلقت فيها الجماهير إلى الشوارع كانت الأدوات التكفيرية المدعومة أمريكيا جاهزة لنشر الفوضى وإشعال مزيد من النيران، لذلك يجب على شعب الدولتين إدراك حجم الخطر المحيط بهما وعدم الاندفاع بدون وعى وراء من يزكون الفتنة، ويجب على الأنظمة السياسية تطبيق سياسات اجتماعية واقتصادية منحازة للغالبية العظمى من المواطنين، والتوجه فورا نحو الوحدة العربية لأنها السبيل الوحيد لمواجهة أمريكا وإطفاء نيرانها، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

Advertisements
الجريدة الرسمية