رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مقولة الإمام التي لم تتحقق!


لا يعرف الكثير المعنى الكبير الذي إرادة الشيخ الشعراوي من مقولته الأثيرة التي حفظتها الألسنة ولم تتدبرها عقولهم، حيث قال إمام الدعاة: «قد يثور المدنيون حتى ينهوا ما يرونه فسادًا، ولكن آفة الثائر من البشر أنه يظل ثائرًا، ولكن الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد ولا يسلط السيف على رقاب الجميع».


وللأسف الشديد إن الثائر في بلادنا العربية والإسلامية يثور ليهدم كل شيئ ولا يبني، والنتيجة مزيد من الانفلات الذي يطول كل شيء اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأخلاقيًّا، وهو ما يؤدي في النهاية إلى عدم الاستقرار والتراجع إلى الخلف طويلًا، وهو ما نرجو أن ينجوا منه الأشقاء في السودان والجزائر.. فالثمن غالٍ تدفعه الشعوب في النهاية!

كم هي مؤلمة ما تعرضه الشاشات وتتناقله الصحف والمواقع من مشاهد العنف والدم والخراب والدمار نتيجة الصراعات التي تجري على أرض العرب والمسلمين، وتديرها أطراف خارجية بين أطراف داخلية حتى تكاد تحرق الأخضر واليابس، بفضل كيانات إرهابية توحشت وباتت خطرًا حقيقيًّا يستهدف مؤسسات الجيش والشرطة وسائر أعمدة الدولة المدنية..

ولم يسأل أحد نفسه من عالمنا المنكوب بمثل هذه التنظيمات: لماذا دولنا الغنية بموارد الطبيعة والبشر ومقومات أي تقدم أو نهضة هي دون غيرها المبتلاة بمثل هذه الكوارث، وهي المفعول بها وهي الحلقة الأضعف في أطراف المعادلة.. لماذا لا يجري فضح الدول وأجهزة مخابراتها المتورطة في تمويل الدواعش ومن على شاكلتهم لإضعاف دولنا، وجعلها لقمة سائغة في أفواه أعدائها وخصومها؟

وهل ينقلب السحر على الساحر وتدور على الباغي الدوائر كما عودتنا أحداث التاريخ وعبره وسننه.. أم تبقى مثل هذه الجرائم سرًا محجوبًا عن الرأي العام العالمي الذي آن له أن يعرف وأن يدين ويحاكم من أجرموا في حق الإنسانية، ليلصقوا التهمة بالعرب والمسلمين ويشوهوا صورة الدين الحنيف البريء كل البراءة من كل تنظيمات الإرهاب، مهما تدعي الانتماء إليه زورًا وبهتانًا، وهي التي قدمت أوطانها لقمة سائغة لأعدائها، الذين نسوا دورنا الحضاري الذي أخرج أوروبا يومًا من ظلمات العصور الوسطى إلى نور الحضارة الحديثة؟

فهل تدرك شعوبنا كم ارتكبت تلك التنظيمات الإرهابية من جرائم في حق تاريخنا وحاضر أمتنا ومستقبل أجيالنا الذي قدمته لقمة سائغة لأفواه الغرب وإسرائيل، وقدمت الذريعة تلو الأخرى لتقسيم دولنا وتمزيق أواصر شعوبها بما استحدثته من مسميات وتقسيمات وتصنيفات ما انزل الله بها من سلطان.. فهذا إخواني وذاك سلفي.. وهؤلاء سنّة وأولئك شيعة أو أكراد أو تركمان أو علويون.. وهكذا أضعفوا أواصر العروبة وبددوا مقومات المواطنة الجامعة للشمل، الحاضنة لوشائج القربى، الحافظة لجذور التاريخ المشترك.

Advertisements
الجريدة الرسمية