رئيس التحرير
عصام كامل

الرضا والسعي!


ما دفعني لاختيار موضوع مقال اليوم هو التفسير المغلوط لدى العديد من الناس من مختلف الفئات والأعمار، وخاصة فئة الشباب عن مفهوم كلمة "الرضا"، فالبعض مع الأسف أصبح يركن إلى الكسل والدعة وعدم السعي لتحقيق مراده وتغيير واقعه، بدعوى أنه راض تمام الرضا عن حاله الحالي الذي قدره الله عليه (من وجهة نظره)..


ويظل ينتظر أن يتغير هذا الحال للأفضل طبقًا لما تجود به الظروف والأيام عليه، دون أي تخطيط أو سعي منه بدعوى أن هذا مقدر ومكتوب ولا حيلة له فيه، وليسمح لى كل من يفكر بهذه الطريقة أن أشير إلى أن مفهومه هذا عن المعنى الحقيقي "للرضا"، هو مفهوم مغلوط تمامًا، وهو يتناقض جملة وتفصيلًا مع ما أمرنا به الله جل وعلا عن الأهمية القصوى "للسعي" الدائم والعمل بمنتهى الجد والاجتهاد والمثابرة لتحقيق ما نصبو إليه..

ويرشدنا سبحانه وتعالى إلى هذا المعنى في محكم آياته حيث قال: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، إذًا فالرضا الحقيقى لا بد أن يقترن بنتائج السعي والكد والإبداع، وليس بنتائج الخمول واللامبالاة والنمطية، وهو ما يظهر أيضًا في موضع آخر شديد الوضوح في الآية الكريمة التي خاطب فيها الله العلى القدير السيدة مريم العذراء قائلًا: "وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا"..

على الرغم مما كانت تعانيه في ذلك الحين من ضعف ووهن نتيجة آلام المخاض والولادة، ليبين لنا سبحانه وجوب السعي والأخذ بالأسباب حتى في أحلك وأصعب الظروف للحصول على الرزق المحتوم.

ولأن الشىء بالشىء يذكر فإنه يحضرنى هنا أيضًا ذلك النوع من الناس الذي لا يبذل أي مجهود لتغيير واقعه بدعوى أنه يشعر دائمًا أنه مهما سعى فلن يحقق ما يريده لنفسه، وهذا المفهوم بالقطع يحمل القدر الكامل من سوء الظن بالله، لأنه يجب دائمًا في كل عمل نسعى فيه وإليه أن يلازمنا الشعور الدائم بحسن الظن بالله القوى المتين القادر على كل شىء، وأى شىء.

وإلى الذين يتكاسلون بدعوى "الرضا"، وينتظرون دائمًا "ضربة حظ" لتغيير واقعهم أهديهم كلمات المخرج والكاتب الشهير "وودى آلن" التي يقول فيها: "أنا وحظى متفاهمين جدًا، أنا أعلم أنه سيئ وهو يعلم أنى لا أعتمد عليه".
الجريدة الرسمية