رئيس التحرير
عصام كامل

الجزائريون يهزمون فرنسا


المتابع للمشهدين في فرنسا والجزائر، سيلحظ فارقا مهما لصالح الجزائريين، ففي الوقت الذي شهدت فيه باريس مشاهد عنف ضد مؤسسات اقتصادية وبنوك، واستخدام العنف من جانب جماعات السترات الصفراء، كان الشعب الجزائرى الذي زحف بالملايين في شوارع العاصمة أكثر مسئولية وقدرة على التعبير الراقى، والمطالبة بالتغيير وفق أجندة وطنية لم تستطع القوى الخارجية أن تلوثها.


الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد في طريق استقلاله والعبور بوطنه إلى السيادة الكاملة لم يبخل بالدماء، وظل لسنوات طويلة بعد الاستقلال، وفي ظل حكم وطنى يتمنى التغيير وفق أساليب حضارية لم تفلح، حتى زاره غول الإرهاب لسنوات طويلة، ظل فيها الشعب صامدا ومتجاهلا المطالبة بالتغيير، حتى وجد الفرصة سانحة ليقدم نفسه للأمم، ويتجلى في واحدة من التجارب الإنسانية الملهمة، فكانت تلك المشاهد العظيمة التي تناقلتها وسائل إعلام عالمية ومحلية.

رضخ النظام الجزائرى.. غير أن رضوخه لم يكن حسب المطلوب شعبيا، فلم تنطل حيلة الدولة العميقة، ولا التفاف النظام على حراك الشعب، فاستمر في مطالبه برقى يحسب لهذا الشعب العظيم، الذي كان معينه ولا يزال لا ينضب أبدا، كانت كاميرات المراسلين تنقل صورتين مغايرتين لحراك شعبى، أحدهما بدأ في استخدام العنف ضد مؤسسات الدولة في جمهورية الحريات فرنسا، والآخر مشهد حضارى سلمى في دولة الشهداء.

حضر الجزائريون بكل ما يحملون من قيم إنسانية حضارية في الشوارع والحواري والأزقة، وامتدت احتجاجاتهم لتطال معظم المدن، فكان القاسم المشترك هو الحراك السلمى ضد الجمود وانسداد الحياة السياسية وغياب الأمل، في تداول سلمي وتغيير حقيقى يليق بتاريخ هذا الشعب الصابر الصامد المقاتل من أجل حريته واستقلاله الوطني، ليفرض إرادته على الذين اعتبروا أنفسهم أوصياء عليه..

في المقابل استخدمت السترات الصفراء عنفا لا نتصور أنه يتفق مع أدوات فرنسا في التداول السلمى للسلطة، الفارق هنا لصالح واحد من شعوبنا العربية التي تعاني من الأمية والجمود وغطرسة الأنظمة!!
الجريدة الرسمية