رئيس التحرير
عصام كامل

يحيى حقي: ابن القباقيبي شهيد ثورة 1919

يحيي حقي
يحيي حقي

في حوار تليفزيونى أجراه الشاعر فاروق خورشيد مع الأديب يحيى حقى أذيع في مارس عام 1985 بمناسبة ذكرى ثورة 1919 باسم (شريط الذكريات) 1985 بعنوان "أثر ثورة 1919 في تشكيل الشخصية المصرية".


وقال يحيى حقى: أنا ابن ثورة 1919، فقد عشت ثمانين عاما لأنى من مواليد 1905، وبعد هذا العمر أمر الآن بمرحلة أصدق وصف لها أنها مرحلة التذكر والتأمل لأن العمر امتد طويلا لكنى أقول امتد إلى الوراء وليس إلى الأمام.

بالرغم من ذلك فقد عشت قرنا هو أمتع الحقب الإنسانية، فقد شاهدنا فيه الطيارة والسيارة والراديو والتكنولوجيا الحديثة، وكذلك الفتوحات في الأشياء الصغيرة التي تعتبر كبيرة في فائدتها مثل ماكينة الخياطة التي تستر الأيتام، والآلات الصغيرة التي تعد وسائل للكسب.

وأضاف حقى أن هذا القرن هو قرن مجنون وقعت حروب كثيرة عشناها، بدأت بحرب الروس واليابان وكان لهذه الحرب رنين في مصر واعتزاز ومنذ هذه الحرب ونحن نسمع في مصر عبارة (لماذا لا نفعل مثل اليابان) فقد كانت إشراقة أمل بأن الشرق لن يمت. ثم جاءت الحرب ضد الإنجليز ثم حرب البلقان كما أخذت النمسا البوسنة والهرسك، ثم احتلال بعض البلاد العربية، ثم حرب عام 1914 ثم حرب مصطفى كمال أتاتورك التي انتهت بتحويل دولة إسلامية إلى دولة علمانية، ثم حرب فلسطين وقبلها الحرب العالمية الثانية.

قامت ثورة 1919 في وقت كانت فيه بريطانيا وكانت تسمى بريطانيا العظمى ــ وهى لا عظمى ولا شيء ـــ مجرد اسم بعدما انفصلت عن بريطانيا الفرنسية تحتل مصر وتحاول استمالة المصريين بسياسة رفع الظلم وتبنى العدالة، وكان على العرش الخديو عباس الثانى الذي سرق واعتدى على الأوقاف ونهب الأراضي حتى كان هناك أحزاب في عهده تخشاه أكثر من خشيتها من الإنجليز. وما جرى مع عباس جاء مع الملك فؤاد حتى أصبح يملك ممتلكات قيمتها 6 ملايين جنيه.

ففى مارس 1919 ثار الشعب المصرى ثورة رجل واحد، واتحد المسلمون والمسيحيون احتجاجا على سياسات المستعمر مطالبين بالاستقلال التام أو الموت الزؤام.

المميز والمثير للإعجاب أن الثورة لم تكن حراكا طائفيا فلا قادته النخبة أو العمال أو الفلاحين وإنما كان هناك وعى مجتمعى أدرك معنى كلمة شعب كتلة واحدة.

ويحكى الكاتب يحيى حقى قصة الصبى الشهيد ابن الأربعة عشر عاما الذي يعمل في دكان أبيه لصناعة القباقيب، خرج يشارك في الثورة وهو يرتدى جلابيته البالية حافي القدمين، فأصابه رصاص الإنجليز وهو يهتف ضدهم فسقط شهيدا ليصبح بطلا من أبطال الثورة، وتخرج جنازته التي تضم جميع الطوائف وسميت حينها جنازة ابن القباقيبي.

من هنا أطلق الإنجليز على الثورة ثورة الرعاع والغوغائيين.
الجريدة الرسمية