رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حكاية الحوكمة التائهة في وزارة التعليم


أخرجت لنا العلوم الإدارية مفهومًا جديدًا لضمان حسن سير المؤسسات وغيرها من الجهات والهيئات والمصالح والوزارات، وهو مفهوم الحوكمة، ويُقصد بها مجموعة من القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء، عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف الشركة أو المؤسسة.


ويجب أن يعكس إطار الحوكمة أدوار ومسؤوليات التنفيذيين، وغير التنفيذيين، والعاملين فيجب أن تكون محددة كتابيًا، بحيث تكون واضحة، وتُظهر الترتيبات المحددة للتفويض، وتحديد بروتوكول الاتصال الفعال في المنشأة، ولمبدأ الحوكمة فوائد عديدة نذكر منا، مكافحة الفساد الذي يدرك كل فرد الآن مدى ما يمثله من إعاقة للنمو، كما تنمي الثقة في المنشآت التي تطبق الحوكمة.

ومن يتأمل في هذا المفهوم الذي اتجهت إليه دول العالم المتقدم، وفي حال وزارة التربية والتعليم يجد أن علم الإدارة العامة في وادٍ وهذه الوزارة في وادٍ آخر!

ومن شواهد المرافقة بين الواديين أن يتولى أحد أساتذة الجامعة رئاسة صندوق مهم بالوزارة ندبًا في عام ٢٠١٣ ثم يستمر في هذا المنصب حتى يومنا هذا بالمخالفة للقانون، وكأن هذا الصندوق كان في أمس الحاجة لـ تخصص الأستاذ الجامعى ليديره، دون النظر إلى جميع القيادات المحترمة داخل الوزارة والمديريات التعليمية بالقاهرة والمحافظات وخبرات عديدة خارجها ممن تخصصوا في إدارة المشروعات المماثلة، وهو ما تنعدم معه الثقة لغياب مفهوم الحوكمة.

وتكمن الشبهة في كون قرارات الندب والتجديد صدرت خالية من أسباب اختياره دون مسابقة أو خبرات معينة، ولماذا تُسند إدارة هذا الصندوق له، ومن ثم تتعذر مساءلته إلا في الجرائم الجنائية والتي يصعب فيها تحديد عنصرها المعنوى (العمد) ومن ثم ينال البراءة رغم إهدار المال العام.

ومن غرائب بلادنا النامية أن يتولى نفس الدكتور منصبًا آخرًا وهو نائب وزير التعليم، وهو ما يطرح ذات السؤال: هل كان ذلك المنصب في حاجة لتخصص الأستاذ الجامعى ليشغل المنصب؟

وقبل أن يستبد بكم الغضب وتشعر أن الوزارة باتت في مهب الريح أزيدكم من الشعر بيتًا، أنه رغم تعيين الأستاذ الجامعى نائبًا للوزير، فقد استمر مشرفًا على الصندوق تنفيذًا لتعليمات الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم دون سند قانوني لذلك!

وأسند سيادة نائب الوزير، مسابقة تعاقدات المعلمين الأخيرة "العجيبة" إلى شركة خاصة لإدارتها من أولها لآخرها دون اتباع الإجراءات القانونية المعروفة مثل الإعلان عن الحاجة لشركة لهذا الغرض، ووضع ضوابط وشروط لإجراء المسابقة ثم إجراء مناقصة بين الشركات المتقدمة للمفاضلة بينها للحفاظ على المال العام، إلى غير ذلك من ضمانات النزاهة والشفافية.

ونحن من جانبنا لا نلوم مطلقا الأستاذ المذكور، وإنما نلوم من تعمد غياب مفهوم الحوكمة داخل وزارة التربية والتعليم، وألقى الملايين من أموال صندوق تمويل المشروعات التعليمية وهي "أموال عامة" بين يدي من لا يعرف كيف يتعامل معها فهو لا يمت للوظيفة العامة بصلة. 

ثم نتساءل لماذا لا يشعر المواطن بما يتم من إنجازات على أرض الواقع؟

أتدرون لماذا؟.. لأن ما ينجزه السيد رئيس الجمهورية خلال سنوات في معركة بقاء هذه الدولة وتطورها، يهدره وزير التربية والتعليم ونائبه في دقائق بقرارات بعيدة عن مبادئ ومفاهيم علم الإدارة وأخص منها "الحوكمة".. وللـحـديـث بـقـيـة.
Advertisements
الجريدة الرسمية