أخطر ألوان الفساد.. وبناء البشر مقدم على الحجر!!
لا يجادل أحد أن الإهمال قد يفوق الإرهاب أضرارًا وآثارًا وخيمة؛ فالأخير على خطورته قد يكون عارضًا ينحسر ويتمادى وفقًا لظروف معينة.. لكن الإهمال -وهو بالمناسبة أخطر ألوان الفساد- متجذر منذ القدم، يتحور من عصر لآخر، ويأخذ أشكالًا عديدة قد لا يرى المجتمع فيها غضاضة، كالإكرامية مثلًا التي هي في الأصل رشوة مقنعة، والتقاعس عن أداء الواجب أو التراخي في اتخاذ القرار المناسب في وقته، مما يهدر الموارد ويعطل الطاقات ويضيع الفرص..
ولا يكاد يمر يوم دون أن تخرج علينا الصحف والمواقع بحالات إهمال صارخ هنا وحالات فساد هناك.. ولعل أخطرها ما رأيناه مؤخرًا في حادث محطة مصر التي منيت بفاجعة روعت النفوس وأبكت القلوب.. فهل من المقبول أن يترك سائق متهور جراره دون إيقاف محركه، بل ترك وذراع التشغيل على سرعة 120 كيلومترا، ليتشاجر مع زميله المهمل أيضًا، فينطلق بلا هوادة ليقتل ويصيب العشرات..
وهو ما نترك القول الفصل فيه لجهات التحقيق التي كشفت ملابسات الحادث.. وسوف تكشف مزيدًا من أبعاده الظاهرة والباطنة.
وإذا كانت الدولة قد بدأت بالفعل في إصلاح مرفق السكة الحديد وتطويره على كافة النواحي لتحقيق التطور المنشود والسلامة والأمان.. فإنه من الضروري وبالتوازي في ذلك بناء الإنسان الذي سيصون ويقود ويشغل مرفق السكة الحديد تدريبًا وتعليمًا جيدًا وزيادة دخله والعناية بصحته وسلامته..
فسائق القطار لا يقل أبدًا عن قائد الطائرة بل يحمل آلاف البشر أكثر مما تحمله الطائرة.
