رئيس التحرير
عصام كامل

مؤتمرات وندوات.. وورش عمل!


إذا كان لدينا مولود كل 27 ثانية كما تقول الإحصائيات الرسمية أكاد أجزم وبلا مبالغة أن لدينا أيضا مؤتمر أو ملتقى أو منتدى أو ندوة أو ورشة عمل كل 27 ثانية، لأنه يوميًا تصلني عشرات الدعوات لحضور مؤتمرات وندوات وورش في كل المجالات، في الطب والهندسة، والتعليم، والبحث العلمى، والصحة، والبيئة، والإسكان، والمالية، والضرائب والجمارك، والسياحة، والإعلام، والصناعة، والتجارة، والزراعة، والشباب والرياضة، ومكافحة الفساد، والتطوير الإدارى..


والاقتصاد، والاستثمار، والنقل والمواصلات، وحوادث الطرق، والفوضى المرورية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والبنوك، والإدارة المحلية، والمرأة، والعمال، والسياسة، ومكافحة الإرهاب، وتجديد الخطاب الديني، وترشيد المياه، وحماية المستهلك، وحقوق الإنسان، والحيوان، وحتى في النظافة والقمامة والكلاب الضالة..

كما أننى أقرأ وأشاهد وأسمع عن عشرات المؤتمرات والمنتديات والندوات وورش العمل داخل مصر وخارجها، دورية وشهرية وسنوية، تنظمها الوزارات والجامعات والشركات والنقابات والجمعيات وكل مؤسسات الدولة.

وخلال الخمسين عامًا الماضية شهدت مصر مؤتمرات وندوات وورش عمل في طول البلاد وعرضها بعدد سكانها، صدر عنها مئات الآلاف من التوصيات، معظمها أكلتها الفئران أو تحللت بسبب الأتربة، لو أن مصر استفادت من هذه المؤتمرات ما كان هذا حالنا وما كنا في حاجة لعقد مؤتمرات جديدة يوميًا وفي نفس الموضوع تكلف الدولة ملايين الجنيهات بلا فائدة. 

المؤتمرات في مصر سبوبة للقائمين عليها وللشركات المنظمة لها أو مجرد شو إعلامي، ومعظم المؤتمرات هي مجرد جلسة افتتاحية ثم تنتهى بعد انصراف المسئولين وكاميرات الإعلام. هناك مؤتمرات مصيبتها فقط في إهدار الأموال، وهذه بسيطة، ولكن هناك مؤتمرات تأثيرها أكبر من ذلك، مثلما يحدث أحيانًا في مجال الصحة والعلاج والغذاء لأن الشركات تنفق عليها في مقابل ترويج منتجاتها، حتى لو كانت ضارة أو دون فعالية، وبالتالى يدفع المواطن الثمن من صحته وحياته وأمواله.

الاهتمام بالمؤتمرات وصل لدرجة أن أصبح لدينا مئات القاعات لها وكل المؤسسات والفنادق أول ما تفكر فيه هو إنشاء قاعة للمؤتمرات، أنا والله لا أعترض على ذلك، فقط أطالب بالاستفادة منها وعدم إهدار الوقت والأموال فيما لا يفيد، فهناك بعض المؤسسات الخاسرة والفاشلة ومع ذلك يوميا تنظم دورات وورش عمل، ومسئولوها خارج البلاد للحضور والمشاركة في مؤتمرات دولية.

أتمنى أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بوقف عقد المؤتمرات مؤقتا، ثم مراجعة التوصيات التي صدرت عن كل المؤتمرات السابقة، وهل استفادت منها الدولة أم لا؟.. لأن ظروفنا الاقتصادية الصعبة تتطلب توفير ما ينفق على المؤتمرات واستغلاله فيما يفيد، حتى لو كان القطاع الخاص هو الذي ينفق من جيبه فهى أموال مصرية ويجب توجيهها إلى مجالات أكثر فائدة للبلد.

مشكلات مصر معروفة، وحلولها أيضًا، وهى لا تحتاج إلى مؤتمرات جديدة، وكل مشكلة عندنا لها ألف حل، سواء من خلال توصيات المؤتمرات السابقة أو في ملايين الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه ودراسات المجالس والمراكز واللجان المتخصصة، نحن فقط نحتاج إلى قرارات جريئة لتطبيق الحلول على المشكلات.

أتمنى أيضًا أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بترشيد سفر المسئولين للخارج لحضور مؤتمرات لن تستفيد منها البلاد وتكلف الدولة مبالغ طائلة بالدولار.

فوضى المؤتمرات في مصر لا يوجد مثيل لها في أي دولة أخرى، وأتمنى أن تنتهي قريبا لأن الموضوع أصبح مستفزا، والله الموفق والمستعان، وتحيا مصر.
الجريدة الرسمية