رئيس التحرير
عصام كامل

اغتيال «الإرشاد الزراعي».. تقليص الميزانية من 45 مليون جنيه إلى 200 ألف.. 8 ملايين فدان في رقبة 200 مهندس فقط.. السوشيال ميديا البديل الوحيد.. وإحالة الأساتذة للتحقيق يُشعل الأزمة

الإرشاد الزراعي
الإرشاد الزراعي

منذ سنوات طويلة عملت القيادات المتتابعة على إدارة وزارة الزراعة على تنفيذ مخطط اغتيال ملف الإرشاد الزراعي، سواء بتهميش الدور الذي يلعبه أو تقليص ميزانيته، حتى وصلت إلى 200 ألف جنيه عام 2017، بعد أن كانت الميزانية 45 مليون جنيه في التسعينيات وقت تولي  الدكتور يوسف والي، مقاليد الأمور داخل الوزارة.


200 مهندس
تراجع الدور الإرشادي لوزارة الزراعة يهدد بتراجع عدد المهندسين الزراعيين  إلى 200 مهندس فقط، يخدمون أكثر من 6500 قرية مساحتها 8 ملايين فدان، بحلول عام 2022 بعد أن يخرج 1300 مهندس آخرين بالقطاع إلى المعاش، فالتعيينات في هذا القطاع متوقفة منذ عام 1984 وحتى الآن.

صعوبة حل أزمة الإرشاد في وزارة الزراعة، دفعت عددا من الأساتذة بمركز البحوث الزراعية للعب دور إرشادي توعوي، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لسد الفجوة الكبيرة بين البحوث التطبيقية والعمل المكتبي وبين الواقع العملي ووقوع الفلاح فريسة للممارسات الزراعية الخاطئة وبالتالي نقص الإنتاجية.

ووسط غياب الحلول من قبل وزارة الزراعة لمع نجم الدكتور محمد على فهيم وكيل المعمل المركزي للمناخ، حيث تحول حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى نشرة إرشادية لكل المزارعين، ومرصد يحذر من موجات الطقس السيئ وكيفية التعامل مع النبات في ظلها.

موجات الصقيع
كما كان «د.فهيم» أول من نبه إلى موجات الصقيع التي هبطت على المزروعات في الوادي والدلتا والزراعات الصحراوية في يناير الماضي، ورغم ذلك أحيل من قبل مركز البحوث الزراعية إلى مجلس تأديب مرتين بسبب النشرات الإرشادية التي ينبه من خلالها المزارعين.

المرة الأولى التي أحيل فيها «د.فهيم» إلى مجلس تأديب في المركز كانت على خلفية مقال كتبه حول احتمالات شدة إصابة محاصيل الأرز بمرض اللفحة، وتحذيراته من الأمراض الفطرية للنبات خلال العام الجاري بسبب تقلبات المناخ، أما المرة الثانية فكانت بسبب تحذيراته من ارتفاع أسعار تقاوي البطاطس في الأسواق، وهو ما تحقق وارتفعت بنسب 70% في الأسواق.

مجلس التأديب
مصادر بوزارة الزراعة أكدت أن إحالة مركز البحوث الزراعية لعلمائه إلى مجالس التأديب بسبب تحذيراتهم للمزارعين من الأمراض والتقلبات الجوية المؤثرة على الزراعات «غير قانوني» في الأصل، لأن المحكمة الإدارية العليا أقرت مبدأ قانونيا في يونيو الماضي بأحقية الأستاذ الجامعي في الظهور بالإعلام دون إذن مسبق من إدارة الجامعة وذلك دون إلقاء أي لوم عليه.

وأضافت: المحكمة أكدت أيضا أحقية إدلاء أعضاء هيئة التدريس بالاستشارات والآراء حيث يعد ذلك نشرا للثقافة المجتمعية في موضوع مهم، يشغل جانبًا من الرأى العام، ودون تقاضى ثمة مقابل مادى لهذا العمل، فيجب ألا تمتد إليه يد اللوم أو المخالفات أو منعه من الظهور والإدلاء برأيه، وإلا كان ذلك منافيًا لحجب صفوة علماء الأمة من ترسيخ المفاهيم والقيم الصحيحة في نفوس المواطنين وتعطيلًا لنصوص الدستور وقانون الجامعات ذاته عن تحقيق أهدافه.

كما أشارت المصادر ذاتها إلى أن «تصرفات مركز البحوث الزراعية بإحالة علمائه إلى المجالس التأديبية بسبب نشرهم للعلم بين الناس بهدف تعظيم الإنتاجية من الغذاء، قصور ينضم إلى القصور الحالي بسبب تراجع ميزانية المركز إلى 3 ملايين جنيه في العام الماضي، بعد أن كانت تصل إلى عشرات الملايين في العام الواحد خلال بدايات القرن الحالي، إلى جانب أن وزارة الزراعة تفتقد إلى الدور الإرشادي اللازم لخدمة المزارعين.

الكارت الذكي
وأكدت أن الدكتور صفوت الحداد نائب وزير الزراعة السابق حاول خلال العامين الماضيين إنجاز مشروع الكارت الذكي لتوفير احتياجات المزارعين من مستلزمات الإنتاج، إلى جانب توفير تطبيق إلكتروني للإرشادات الزراعية المهمة، ولكن أيا من المشروعين لم يخرج إلى النور حتى الآن، وما زالت الوزارة تدرس إلى الآن مشروعات مشابهة دون تنفيذ، وتركت الأمور بدون رؤية واضحة للنهوض بخدمات الإرشاد الزراعي القادرة على مضاعفة الإنتاجية من المحاصيل الإستراتيجية، وتابعت: يكفي أن نعلم أهمية الإرشاد الزراعي من خلال الحقول الإرشادية التي تملكها الوزارة في المحافظات والتي تحقق أعلى إنتاجية، ومثال على ذلك أن إنتاجية الحقول الإرشادية من القمح تبلغ 24 أردبا للفدان، بينما الفدان الذي يشرف عليه مزارع عادي أقصى إنتاجية له 19 إردبا وهو فارق حدث بسبب المعاملات الإرشادية الصحيحة والإشراف العلمي.
الجريدة الرسمية