رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى رحيل زكي رستم.. سر اعتزال الباشا الشرير الفن والعيش أعزب

فيتو

في مثل هذا اليوم 15 فبراير من عام 1972 رحل عن عالمنا زكي رستم، الباشا الشرير، الذي ترك بصمة مميزة في سماء السينما، بنجاحه اللافت للنظر في أدوار الشر.


غاب سليل العائلات الأرستقراطية عن دنيانا بعد فترة من اعتزاله الفن الذي أفنى فيه معظم حياته وجزءا كبيرا من ثروته، تاركًا 240 فيلمًا وذكرى عطرة لا يمكن أن ينساها جمهوره ومحبوه.


رائد الاندماج
كان زكى رستم عاشقًا للفن إلى درجة تركه أسرته وتقاليدها وتمرده عليها من أجله، وأطلق عليه لقب رائد مدرسة الاندماج، فقد كان بارعًا في تقمص الشخصيات التي يقدمها إلى درجة الاندماج، حتى وإن تعددت حالاتها النفسية، وتعقدت أبعادها، إلى الدرجة التي تجعل من كل الواقفين في البلاتوه يصفقون تصفيقًا حارًا بعد انتهائه من أداء مشاهده، والتي كانت تترك المشاهدين في حيرة من أمرهم، هل كان يُمثل فعلًا أم أنه يتصرف على طبيعته.

وبالرغم من نجاحه الفنى إلا أن حياته الشخصية كانت مملوءة بالدراما فقد انتحرت حبيبته خوفًا من رفض أسرتها زواجها منه لأنه "مشخصاتى"، فأغلق هو صفحة الزواج من حياته بعدها وقضى حياته بأكملها أعزب.


كواليس الاعتزال
وفى أوائل الستينيات، عانى رستم من ضعف في السمع، اعتقد في بداية الأمر أنه أمر عارض، سيزول حتمًا مع مرور الأيام، وكان يؤمن أن هذا الأمر لن يمنعه من استكمال مسيرته في عالم الفن والتمثيل الذي يذوب في عشقه، لذا اعتقد أن حفظ الدور جيدًا وقراءة شفاة الممثلين أمامه أمر كاف لعلاج مشكلته العارضة، ولكن الواقع كان مريرًا، وكان يواجه صعوبات لم يتوقعها هو.

ومع مرور الوقت فقد رستم سمعه تمامًا، وكان هذا الأمر جليًا في آخر أفلامه "إجازة صيف"، فقد كان ينسى عدة جمل حوارية، ويرفع صوته بطريقة مسرحية، ولم يكن يسمع ملاحظات المخرج له وتسبب هذا الأمر في بكائه في إحدى المرات بالبلاتوه، وبالرغم من كل هذا إلا أنه أدى دوره على أكمل وجه، ولكنه قرر بعدها الاعتزال نهائيًا عام 1968 خاصة أنه رفض تمامًا الحل المتاح بالاستعانة بسماعة طبية تساعده على السمع فهى كانت مرئية وظاهرة للعيان، وهو الأمر الذي لم يحبذه أبدًا.

العزلة التامة
عاش زكى رستم أعزب وحيدًا غير محب للسهرات، فلم يكن يقبل أي دعوة للسهر، ولا يدعو هو أحدًا، وكان البلاتوه هو المكان المحبب إلى قلبه، والذي لم يقطع صلته به إلا قهرًا، ولم يكن لديه أصدقاء سوى سليمان نجيب وعبد الوارث عسر، لذا فحينما توقف عن التمثيل، وابتعد عن عالمه تمامًا، واعتزل الناس، وعاش ما تبقى من حياته في شقة بعمارة يعقوبيان بشارع 26 يوليو، وأصبح يقضى معظم أوقاته في القراءة ولعب البلياردو، ولم يكن يكسر حدة وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من 30 عامًا، بالإضافة إلى كلبه الذي كان رفيقه في جولاته الصباحية في شارعى سليمان باشا وعبد الخالق ثروت، وكان يتناول طعامه في أحد مطاعم وسط البلد.


الرحيل
في إحدى الليالي المفعمة بالوحدة، أصيب رستم بأزمة قلبية حادة، كانت سببًا في نقله إلى مستشفى دار الشفاء، وفى ساعة متأخرة من ليلة 15 فبراير من عام 1972، فاضت روح باشا التمثيل إلى بارئها، وصعدت إلى السماء بدون أن يشعر به أحد، تمامًا كما قضى حياته بأكملها، ووارى جسد زكى رستم الثرى بعد حياة مديدة قضاها في وحدة وعزلة بدون أنيس أو ونيس.


الجريدة الرسمية