رئيس التحرير
عصام كامل

بريطانيا ممول قديم للإخوان!


مفاجاة كتاب "مارك كورتيس" تتمثل في أن بريطانيا كانت تدرك منذ وقت مبكّر جدا أن الجماعة الإخوان تنظيم متطرف، ومع ذلك دعمتها ومولتها، وحثت الملك فاروق أيضا على المشاركة في تمويلها!


يقول المؤلف أن سنوات الحرب العالمية الثانية شهدت نموا متواصلا لحركة الإخوان المسلمين التي تطورت بقيادة "حسن البنّا" إلى حركة جماهيرية متأسلمة. فقد أصبحت أكبر جمعية إسلامية في مصر، وأقامت لها فروعا في السودان والأردن وسوريا وفلسطين وشمال أفريقيا، وقدمت نفسها بديلا دينيا لكل من الحركات القومية العلمانية والأحزاب الشيوعية في مصر والشرق الأوسط.

وهى قوى كانت قد طفت لتصبح بمثابة تحد رئيسي لقوة بريطانيا والولايات المتحدة في المنطقة، وهنا تحديدا يمكن أن نفهم لماذا قررت بريطانيا دعم جماعة الإخوان رغم إدراكها بأنها جماعة متطرفة، ورغم أنها رفعت شعارات ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر وأرسلت متطوعين للجهاد في فلسطين. فقد رأت بريطانيا استثمار واستخدام هذه الجماعة ضد التيار القومي واليساري في مصر والشرق الأوسط.

وقد اتسعت السياسة البريطانية وقتها مع الملكية المصرية التي بدأت تمول الإخوان في عام ١٩٤٠. فقد اعتبر الملك فاروق الإخوان معارضا مفيدا لقوة الحزب السياسي الرئيسي في البلاد وقتها، حزب الوفد الوطني الألماني، والشيوعيين. ونبه تقرير للمخابرات البريطانية إلى أن القصر بدأ يرى أن الإخوان مؤيدون وأضفى حمايته عليهم.

والمعروف، كما يقول المؤلف أن الإخوان نقلوا معلومات للسلطات المصرية للمساعدة في مطاردتها المستمرة للشيوعيين، خاصة في النقابات والجامعات. ويكشف الكتاب أن أول اتصال مباشر معروف بين المسئولين البريطانيين والإخوان تم في عام ١٩٤١. في هذا العام كانت السلطات المصرية قد سجنت "البنّا" تنفيذا لضغوط بريطانية، ولكن فيما بعد في ذلك العام عند إطلاق سراحه أجرى البريطانيون أول اتصال مع الإخوان.

ووفق بعض التقارير عرض المسئولون البريطانيون مساعدة الجماعة، وكثرت النظريات حول ما إذا كان "البنّا" قد قبل عرض البريطانيين أم رفضه، لكن في ضوء الهدوء النسبي للإخوان لبعض الوقت عقب هذه الفترة فإن من المحتمل أن تكون المعونة البريطانية قد قبلت.

ثم يعود المؤلف لكي يجزم بأنه بحلول عام ١٩٤٢ كانت بريطانيا على وجه القطع تقوم بتمويل الإخوان.. بقى القول إن المؤلف لم يذكر تلك الاتصالات غير المباشرة لبريطانيا مع الإخوان التي سبقت عام ١٩٤١، والتي أثمرت تقديم مبلغا ماليا كبيرا في ذلك الوقت من شركة قناة السويس لجماعة الإخوان، وهو ما لم ينكره بعض كوادر الجماعة.
الجريدة الرسمية