رئيس التحرير
عصام كامل

احموا اللصوص من أنفسهم.. بالإعدام !


لا يمكن بحال أبدا إنكار الجهد الرقابي الملموس الذي تبذله الرقابة الإدارية في ملاحقة لصوص هذا الوطن من كبار المقامات والهامات، وفي الإمساك بهم متلبسين بالعار والعري، وتقديمهم إلى ساحات المحاكم وسط جرسة إلكترونية ذات صخب شديد. وفي ذلك لا يجوز قط إغفال تقديم التحية والعرفان لهؤلاء الرجال الذين يؤلمهم تفشي الفساد في مفاصل الدولة على يد كبار من موظفيها، جلودهم سميكة، لم تردعهم عقوبات السجن ولا فضيحتهم في المجتمع.


مع ذلك، وبالقدر ذاته لا يملك المرء إلا أن يتساءل هل تفعيل القانون وتنفيذ الإجراءات في مواجهة اللصوص الكبار مرتبط بشخص الرئيس، أي رئيس؟ هل طبيعة الشخص الحاكم تؤثر في فعالية أجهزة الرقابة والقيام بدورها؟

لماذا لم نر هذا النشاط الكبير في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك؟ هل كانت هناك تعليمات بتجنب الحرامية الكبار؟ هل كانت هناك أولويات أهم؟ 

مرة أخرى أؤكد تقدير الناس كلهم للجهاز الرقابي النشيط في القبض على اللصوص، والحفاظ على المال العام، لكن: لماذا لم تسعدونا هكذا؟ هل كان اللصوص ملائكة في ذلك العهد؟ هل هؤلاء اللصوص في دواوين المحافظين، وفي الإدارة المحلية، وفي الجمارك وفي الأحياء، وفي دوائر حساسة، هم ناشطو هذا العهد؟ وكيف ينشطون بهذا القدر وقبضة القانون تلاحقهم وتفضحهم؟

ثم كيف لا يرتدعون بينما أشباههم من سادتهم وعبيدهم يتساقطون الواحد بعد الآخر؟

العقل والمنطق أن اللصوص كانوا موجودين في عصر مبارك، ومن كبار الكبار، وهم موجودون الآن، وسيظل لهم دور حيوي في تجريف المال العام وحرمان الشعب منه في المستقبل، لكن العبرة بالرئيس الذي يقرر إطلاق يد الأجهزة الرقابية في ملاحقة هؤلاء الذين يستحلون أموال الناس، ثم يتوضأون، ويخرون راكعين ساجدين مبتهلين أن يبارك الله لهم في أولادهم ونسائهم وذكائهم المنحرف! تلك واحدة.

إذا كانت عقوبة السجن لم تحقق المنع والردع الكافيين، والدليل على ذلك توالى السرقات، وتوالي سقوط السارقين، فمن المنطق أيضا أن ندرك وجوب تغيير التشريع، لتكون عقوبة الإعدام نصا، وحبلا واجب الالتفاف على أعناق كل موظف يسرق المال المؤتمن عليه بالتربح أو التسهيل أو الارتشاء أو الامتناع عن عمل يمنع السرقة!

بمعنى أنه يغمض عينيه، وأذنيه ويبسط كفيه أو يفتح درجه، أو يسلمهم رقم حسابه في البنوك.

زمان كانت هناك عقوبات اجتماعية أشد إيلاما للص، منها التجريس، فيجلس اللص على ظهر حمار ووجهه ناحية ذيل الحمار، ويمرون به في الشوارع والحواري ليعرف العامة والخاصة أن فلانا هذا المعروض المفضوح هو من الشطار، أي اللصوص.
وسائل الإعلام تقوم حاليا بدور الحمار الذي يتم تجريس اللص عليه!

المشكلة ليست في حمورية وسائل إعلام الحقيقة، بل المشكلة الحقيقية في جلد اللص نفسه، خصوصا إذا كان وزيرا أو مأمور جمارك أو محافظا أو رئيس جهاز مشروعات تنمية زراعية (أحدث حرامي ممسوك برشوة ٧٦ مليون جنيه). جلود هؤلاد جلود بقر وليست جلود بشر. بل من الظلم أن نرمي البقر بانعدام الشعور.

هم اللصوص، لهم جلود متنحة، وأمعاء لا تهضم إلا الوسخ من المال، وشهوتهم تتفتح على كل ما هو حرام المصدر. بالطبع أمثال هؤلاء كثيرون الآن، لأن المجتمع ذاته في حالة فجور وسفور، يتباهى بقلة الذوق وبالعري وبالألفاظ النابية، وبقتل الأبناء والآباء والأمهات.. ومن أجل هذا فإن ما كان يصلح للمصريين قبل خمسة عشر عاما لم يعد يصلح لهم بعد خمسة عشر عاما.

أدعو مخلصا أن تبادر الحكومة أو البرلمان بتقديم تشريع مدروس يغلظ عقوبة سرقة الموظف العام إلى الإعدام الوجوبي.. هذه العقوبة الرادعة ستحمي المال العام، كما ستحمي من تراوده نفسه.. من نفسه الأمارة بالنهب!
الجريدة الرسمية