رئيس التحرير
عصام كامل

من ينقذ بيوتنا من الخراب؟ (1)


تطلق الدولة بين حين وآخر عددًا من المبادرات الفاعلة والمدعومة إعلاميا وسياسيا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وغني عن القول إن البيوت المصرية الآن باتت قاب قوسين أو أدنى من أضرار مشكلات الطلاق.


تحولت الخلافات الزوجية إلى قضايا معقدة في أروقة المحاكم، وأصبحنا كما لو كان «خراب البيوت» هو الأصل في الحياة، حتى إن المرء يندهش كثيرًا لوجود حياة زوجية مستقرة، وفجأة يتحول الزوجان إلى طرفي نزاع يطول أمده؛ انتظارا لحسم تمضي خلاله الساعات سنين والأيام عقودًا، وليس من بين أهل الزوجين أثناء الخلاف رجلٌ رشيد.

إننا نواجه صراعات لسان حال متابعها يقول:

«والظلمُ من شيم النفوسِ فإن تجد.. ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يَظْلِمُ»، لأن الممتنع عن الظلم –سواء الزوج أو الزوجة– ربما يكون كاظما لغيظه؛ خوفا من ويلات الملاحقات القضائية، أو لعدم قدرته على إدراة معارك يسرِّرها في نفسه دون أن يبديها.

إنه ليس من المنطق أن يكون حل المشكلات الزوجية بمجموعة قوانين، أثبتت التجربة العملية أنها ربما تفسد أكثر مما تصلح.. إن العقل يقول: «إن تشريعات الأحوال الشخصية لا تتعامل مع أمور جامدة أو عقود تجارية أو مساحات أرض، بل إنها تتعامل مع إنسان له عاطفة وقلب وعقل لذلك ينبغي أن يتم تشريعها بناءً على هذا الأساس».. إننا بحاجة إلى حسم عملي للخلافات الزوجية، والعمل على وأدها في مهدها.

الحاجة الآن ماسة، قبل أي وقت مضى، لتدخل الدولة رسميًا بمبادرة فاعلة، تستهدف الحفاظ على استقرار الأسر من شبح الطلاق الذي يلقي بظلاله بين دقيقة وأخرى على كل أسرة مصرية، خاصة في الزيجات الحديثة، ولتتضمن تلك المبادرة أن تكون فترة الخِطبة عامًا أو عامين أو ستة أشهر على أقل تقدير، يلتحق فيها الطرفان بوصفهما مشروع زوجين، بدورة تدريبية تحت إشراف مؤسسة ذات ثقة من مؤسسات الدولة بحيث يتفهم كلاهما طبيعة الزواج ومسؤولياته، بحيث يتم تلاشي مخاطر الطلاق وأسبابه غير المعلنة في كثير من الأحوال.

ليس من الأمانة في معالجة قضايا المجتمع أن نترك زيجات لم تتجاوز مدتها أشهرا وربما أياما، دون أن نخضع الأمر لدراسة واعية، فلا عذر للدولة وقد حباها الله، مؤسسة الأزهر التي يحج إليها طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم، فضلا عن دار الإفتاء المصرية التي تنير الدنيا سماحة واعتدالا، فضلا عن تأكيدات رسمية متلاحقة بأن الدولة باتت صاحبة اليد الطولى في التصدي للمشكلات بمبادرات قومية تظهر نتائجها سريعًا.

ونصيحتي أنه لا بد قبل عقد الزواج أن يدرك طرفا ذلك العقد المقدس أنهما بصدد تحمل مسئولية كبيرة، وليسا على عتبة الدخول على ما تعارفا عليها دراميا بأنه «جنة الزواج».. لا بد أن يدرك الطرفان أيضا أن الزواج مشاركة بينهما، وأذكر إحدى محاضرات الراحل الدكتور إبراهيم الفقي بشأن الخلافات الزوجية قال فيها «إننا نختلف في القيم والاعتقادات.. والمبادئ ووجهات النظر وفي الأحاسيس والسلوكيات.. ونختلف بالنسبة لتربية الأطفال والشخصيات والأسلوب الاجتماعي للحياة وأسلوب معاملة العائلات».

وأضاف الفقي: «ولذلك لا بد للشخص قبل أن يتزوج أن يتدرب.. والرجل يحتاج لفترة انتقال فلو رجع من الشغل للبيت يحتاج لوقت يرتاح فيه يأكل يصلي ينام.. بعد ذلك يبدأ يرى ما يريده البيت»، مشيرا إلى اختلاف طبيعة المرأة التي تمكنها من فعل أكثر من شيء في آن واحد... والله من وراء القصد.
الجريدة الرسمية