رئيس التحرير
عصام كامل

المعركة مع دواعش الداخل أصعب!


بعد أن أوشك الربيع العربي المزعوم على الأفول مع مطلع العام 2019، ومع الانتصارات المدوية التي حققها الجيش العربي السوري على التنظيمات الإرهابية التي جاءت من كل بقاع الأرض لتنتشر على كامل الجغرافيا العربية السورية، وفى مقدمتها ذلك التنظيم الإرهابي المعروف إعلاميا بداعش، وهو التنظيم الذي ولد من رحم هذا الربيع منذ انطلاقته في العام 2011.


والمصطلح في أصله يشير إلى ذلك التنظيم الإرهابي الذي يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد أن حل في السنوات الأخيرة محل تنظيم القاعدة الذي كان يتصدر المشهد الإرهابي العالمى قبل بداية انطلاق موجة الربيع المزعوم، الذي جاءت نتائجه كلها في صالح العدو الصهيونى الذي يعبث بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية ويدمر التراث المملوك في الأصل للإنسانية جمعاء.

وعلى الرغم من وجود العديد من التنظيمات الإرهابية التي اكتسبت شهرة كبيرة بين سكان كوكب الأرض إلا أن تنظيم داعش يعد هو الأكثر شراسة ووحشية ودموية على مدار تاريخ البشرية، فالعمليات الإرهابية التي أقدم عليها هذا التنظيم لم يرتكبها غيره من قبل خاصة القتل والتمثيل بجثث الأطفال والنساء والشيوخ وعلانية وأمام الكاميرات، في عالم تطورت فيه وسائل الإعلام بشكل مذهل، حيث أصبح كل مواطن إعلامي يحمل هاتفه المحمول المتصل بشبكة الإنترنت التي تمكنه من التواصل والتفاعل مع الأحداث في كل بقاع المعمورة، وعبر مواقع تبث عليها ملايين الأخبار والصور والفيديوهات في الدقيقة الواحدة مثل فيس بوك وتويتر واليوتيوب وغيرها.

لذلك أصبح مصطلح داعش يستخدم للإشارة إلى كل ما هو غير إنساني ومضاد للإنسانية، فتداول المصطلح من خلال الحياة اليومية للمواطنين يشير إلى السلوكيات الإنسانية السلبية، لذلك لا عجب أن يصف مواطن سلوك مواطن آخر قام باستغلاله أو ظلمه أو قهره بأنه داعشي، ولم يعد استخدام المصطلح يدعو للغرابة عند استخدامه في حياتنا اليومية كمؤشر على الشراسة والوحشية والدموية في معاملاتنا اليومية مع بعضنا البعض.

وبالطبع الجميع يعلم دور الولايات المتحدة الأمريكية في رعاية التنظيمات الإرهابية حول العالم على أقل تقدير في النصف قرن الأخير، ذلك لأن هذه التنظيمات تلعب دورا وظيفيا لتحقيق المصالح الأمريكية سواء في منطقتنا العربية أو حول العالم، وعندما ظهر تنظيم داعش في السنوات الأخيرة تحت رعاية العدو الأمريكى في العراق ثم انتقل إلى سورية وبعدها بدأ يتمدد ليشكل خطرا داهما على مصر، حيث تسلل عبر الحدود الشرقية المتاخمة لفلسطين المحتلة وبدأ الجيش المصري معركته مع الدواعش في سيناء وهى المعركة المستمرة منذ ما يزيد على الخمس سنوات حتى الآن..

وإذا كنا قد أدركنا حجم الخطر الذي يشكله تنظيم داعش باعتباره تنظيما خارجيا تحركه أمريكا يمتلك أفكارا معادية للإنسانية، فإن نفس الأفكار الداعشية التي تحارب الإنسانية تمتلكها وتؤمن بها وتنفذها العديد من القوى الاجتماعية الموجودة داخل مجتمعاتنا العربية، وهى وإن لم تدخل فعليا ضمن هذا التنظيم الإرهابي الدولى لكنها تنفذ ضد مواطنيها أفكاره وممارساته الشرسة والوحشية والدموية..

فالتجار والسماسرة الذين يتلاعبون بقوت الشعب ويسرقون وينهبون ثرواته أليسوا دواعش وأكثر شراسة ووحشية ودموية مع الفقراء والكادحين والمهمشين داخل مجتمعاتنا العربية، والموظفين الفاسدين والمرتشين والمزورين الذين يضربون بالقانون عرض الحائط ولا يطبقوه إلا على الغلابة أليسوا دواعش، والخلايا الإرهابية النائمة التي تعمل على تدمير مؤسسات الدولة من الداخل وتقوم من حين لآخر ببعض التفجيرات الإرهابية أليسوا دواعش، والمسئولون العاجزون عن حماية المواطنين من شراسة ووحشية ودموية التجار والسماسرة والموظفون الفاسدون أليسوا دواعش.

فعلى الرغم من النجاح في تجفيف منابع الإرهاب على الأرض المصرية منذ الإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية من سدة الحكم قبل الخمس سنوات من الآن، إلا أننا لم نتمكن من العودة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للغالبية العظمى من المصريين إلى ما كانت عليه قبل موجة الربيع العربي المزعوم.

نفس المعركة تشهدها الآن ومع مطلع العام 2019 سورية العربية التي حققت انتصارا مدويا على المشروع الأمريكى – الصهيونى عبر تجفيف منابع الإرهاب على كامل الجغرافيا العربية السورية، والتصدى عبر الدفاعات الجوية للاعتداءات الصهيونية المتكررة، إلا أن دواعش الداخل يحاولون إفساد هذه الانتصارات بتعميق أوجاع المواطن العربي السوري.

فما يشهده المواطن السوري اليوم من معاناة في توفير ضروريات الحياة لم يشهده أثناء الحرب الكونية مع دواعش الخارج، وهو ما يعنى أن معركتنا مع دواعش الداخل قد بدأت بالفعل وهى معركة أكثر شراسة وقد تتطلب وقتا وجهدا أكبر، وعلى الرغم من صعوبة هذه المعركة إلا أنه لابد من دخولها سريعا حتى نتمكن من إعادة بناء الوطن، فالأوطان لا يمكن أن تبنى في ظل وجود دواعش الداخل، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية