من الصفر إلى المليار!؟

استكمالا إلى ما كتبه الصديق "عصام كامل"، رئيس تحرير "فيتو" في مقاله "عندما يصبح الصفر مليارات"، والذي تناول فيه قصص حياة 5 من رجال الأعمال المصريين الذين بدءوا حياتهم من الصفر حتى أصبحوا أغنياء كبار بفضل اجتهادهم ومثابرتهم، وكل واحد منهم أنشأ إمبراطورية ضخمة في تخصصه..

وهم أحمد عبود باشا، ومحمد الفايد، وعنان الجلالي، ومحمود العربي، ونجيب ساويرس، في السطور التالية أتناول قصص حياة بعض رجال الأعمال، ربما لا يكونون على نفس الشهرة والثراء للشخصيات التي تناولها "عصام كامل" في مقاله، ولكن يربطهم جميعا أنهم بدءوا السلم من أوله، ولم ينتظر أحدهم الوظيفة الحكومية، وكان سر نجاحهم هو الإخلاص والاجتهاد، ثم الطموح وعدم اليأس والإحباط.

المهندس "حسين صبور" بعد أن تخرج من كلية الهندسة اتجه إلى العمل الخاص، وكانت أول عملية له هي بناء مقبرة بـ 150 جنيها ربح منها جنيهات قليلة، كانت بداية لرحلة طويلة من النجاحات والإخفاقات، انتهت بامتلاكه لأكبر مكتب استشاري في المنطقة، وحجم استثماراته وشركاته بالمليارات يعمل فيها آلاف العمال.

المهندس "صبور" تولى العديد من المناصب لشركات وبنوك وأندية كانت خاسرة وفاشلة، ولكنه حول الخسائر إلى أرباح، والفشل إلى نجاح، والاخفاقات إلى إنجازات، حتى يثبت أن أزمة مصر الحقيقية في الإدارة وليست الموارد. "صبور" ما زال يعطي ويحظى باحترام الجميع، ولا ينسى دوره الاجتماعي في أعمال الخير ومساعدة الفقراء، وهو طيب السيرة والمسيرة، ونموذجا لما يجب أن يكون عليه رجال الأعمال.

المهندس "علاء السقطي" حينما تخرج من كلية الهندسة أعطاه والده 5000 جنيه، وقال له افعل بهم ما شئت، ولا تطالبني بغيرها، "السقطي" كان أمامه أن يتزوج بمبلغ والده أو يشتري به سيارة أو ينفقها على شهواته، ولكنه استأجر سوبر ماركت في مدينة نصر، وتكبد فيه خسارة كبيرة، لكن لم ييأس، فاستأجر شقة صغيرة في باب اللوق، وقام بتصنيع مستلزمات التعبئة والتغليف، ومن هذه الشقة المتواضعة انطلق لإنشاء مصانع كبيرة في مدينة بدر وإثيوبيا، ثم شركة استثمارات عقارية.

"السقطي" يرى أن الطموح أساس النجاح، والضربة التي لا تقسم الظهر تقويه، وأنه حقق أحلامه في امتلاك شركات ومصانع كانت سببا في فتح أبواب رزق للمواطنين، ويعيش معهم أفراحهم وأحزانهم، "السقطي" حكى لي أيضا عن أسرة مصرية من أربعة أفراد.
(الرجل وزوجته ووالديه) أقاموا مشروعا صغيرا في منزلهم لصناعة "البالونات"، وصل حجم أعمالهم حاليا بالمليارات، ويقول أننا نستورد ألف سلعة من الصناعات الصغيرة والمتوسطة يسهل إنتاجها في مصر، حيث لا تحتاج أموالا كثيرة ولا تقنيات عالية، ولكنها يمكن أن تحقق طفرة كبيرة للبلد وتجعل أصحابها من الأثرياء.

الحاج "رفعت علام" شخصية ليست مشهورة ولا معروفة، ولكنه مواطن مصري أصيل من محافظة الدقهلية، بدأ حياته من تحت الصفر، حيث كان عاملا في محال لبيع الحدايد والبويات بمدينة المنصورة، وكان طرده من المحل سببا في تحديه للصعاب حتى يصبح أحد أهم رجال الأعمال في مصر، وبعد أن كان عاملا صغيرا أصبح مالكا لشركات يعمل فيها مئات العمال.

الحاج "رفعت" بدأ تجارته بثلاثة آلاف جنيه "سلف"، استأجر بهم محل صغير للتجارة في نفس النشاط الذي طرد منه، وبالعزيمة والإصرار والطموح والاجتهاد تحول "الدكان" الصغير الذي ما زال يحتفظ به إلى إمبراطورية كبيرة لأنشطة متعددة..

الحاج "رفعت" لا ينسى أصحاب الفضل عليه في بداية حياته، ويحسن اختيار معاونيه من خيرة الكفاءات، كما أن في أمواله حق معلوم للسائل والمحروم، ولا ينسى أيضا حقوق المجتمع ويتمتع بسمعة طيبة، ولا يخالط إلا الطيبين، ويكره الغش والكذب والتدليس ولا يعمل إلا في التجارة المشروعة وكلمته مثل حد السيف.

إنها نماذج محترمة نقدمها كقدوة طيبة يحتذى بها، ونؤكد أن بلدنا ملئية بأمثالهم الكثير، ولكن دائما إعلامنا يلهث خلف التافهين ولا يسلط الضوء إلا على النماذج السيئة.
وإلى اللقاء مع شخصيات أخرى تقدم خدمات جليلة للمجتمع وتعمل في صمت، لا يعرفون شيئا عن الصخب الإعلامي، ويحملون الوطن والمواطن على أكتافهم، وتحيا مصر.
egypt1967@yahoo.com