رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المسئولية الوطنية في نشر الخبر الصحفي (2)


تناول المقال السابق مدى المسئولية الملقاة على الصحفي في نشر الخبر، في ضوء الضوابط القانونية والأخلاقية المفترضة على القائم بالنشر اتباعها، وتبقى القاعدة الأساسية في ممارسة مهنة الصحافة وهي أن الإعلام مجملا «لا يعمل في فراغ ولا يخلق شيئا من العدم»، لذلك تراعي السياسات الإعلامية أن تكون مرآة عاكسة للمجتمع الذي تصدر فيه الصحف.


وبينما تتصاعد المسئولية الملقاة على القائمين بالنشر في مختلف المواقع الإخبارية، وسط سيل من التدفق الإعلامي المحلي والدولي، تظل النداءات المتكررة بأهمية إعلاء عنصر ضبط الإيقاع في العمل الإعلامي، حيث باتت بعض وسائل الإعلام ذات المصداقية العالية، قائمة بهذا الدور بأن تكون هي القائم بدور الرقابة الذاتية على أدائها.

وبالنسبة للأخبار المتعلقة بالأمن القومي، يبقى الحل الأمثل في التعامل مع الأخبار ذات الحساسية الأمنية هو الحصول على تلك الأخبار من مصادرها الرسمية، دون الاعتماد على ما يصفه محرر الخبر أحيانا بـ «المصدر المسئول»، أو ينسب المعلومة إلى «مصدر رفض ذكر اسمه»، تصدر تلك الأوصاف وغيرها المزيد في ظل حاجة ملحة إلى الحفاظ على مصداقية الخبر بأن يكون منسوبا إلى مصدر رسمي أو مصاغا بطريقة احترافية تجعل كل معلومة فيه منسوبة إلى مصدرها أو معتمدة على حقيقة أو أسلوب توثيق.

ولقد منَّ الله على كاتب هذه السطور أن كان تلميذا بالمرحلة الجامعية لعدد من أساتذة الإعلام الذين سبق لهم ممارسة العمل الإعلامي قبل إتمام المشوار الأكاديمي، فجمعوا بين الخبرة المهنية والتخصص العلمي، وأذكر منهم مثالا لا حصرا الدكتور حسن على، والدكتور محمد زين، والدكتور محمد سعد إبراهيم، والدكتورة وفاء عبد الخالق ثروت، وغيرهم ممن يتقلدون الآن مناصبا أكاديمية مرموقة، المهم أن محاضرات هؤلاء الأساتذة لم تخل من الثراء المهني بخبراتهم فمنهم من عمل بالإذاعة المصرية والصحافة ومنهم من جمع بين المجالين معا قبل التدريس بالجامعة.

كانت خلاصة العطاء العلمي لهؤلاء الأساتذة أن العمل الإعلامي رسالة مقدسة، قبل أن يكون مهنة عادية، وكان التنبيه المستمر أن العمل الإعلامي ليس طريقا مفروشا بالورود، بقدر ما هو سلسلة متاعب متواصلة تستلزم الصبر والمثابرة، فضلا عن مدى المسئولية الملقاة على الصحفي والإعلامي مع بدئه خوض المجال العملي..

أن ما نريده الآن أن يتم إقرار حرية الصحافة المسئولة حقا دستوريا ومجتمعيا وليس منحة من مسئول، كما نريد أن تكون مواثيق الشرف الإعلامي ليست مجرد ترف فكري أو ديكور يزين مهنة بقدر ما تكون مسئولية تقوم كبريات المؤسسات الإعلامية، والهيئات المعنية بها على رعايتها تنفيذا وحسابا ومساءلة ومكافأة.

وأشير في هذا الصدد إلى بحث مميز للباحث القانوني الدكتور أيمن الغندور بشأن نشر أخبار الحوادث الإرهابية، والذي انتهى إلى أن نشر أخبار ومعلومات كاذبة عن الأعمال الإرهابية بالمخالفة للبيانات الصادرة من وزارة الدفاع، هي جريمة خطيرة تمس أمن واستقرار المجتمع، حيث يترتب عليها بث الرعب والفزع في نفوس المواطنين ونشر الإحباط واليأس وإضعاف الروح المعنوية للشعب، وهى تشكل إحدى وسائل الحرب النفسية التي تستخدمها الجماعات الإرهابية والدول التي تدعمها.

وأشار البحث إلى أن الأصل وقوع جريمة نشر الأخبار الكاذبة عن الأعمال والحوادث الإرهابية من الصحفيين والإعلاميين، إلا أنه طبقًا للمادة 19 فقرة ثانية من قانون تنظيم الصحافة الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 تقع هذه الجريمة من كل شخص يمتلك موقع أو مدونة أو صفحة شخصية يبلغ عدد متابعيها أو يزيد على خمسة آلاف شخص؛ لأن المشرع بمقتضى الفقرة الثانية من المادة (19) من قانون تنظيم الصحافة الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 جعله مخاطبًا بالالتزامات المفروضة على المؤسسات الصحفية والإعلامية بعدم نشر الأخبار الكاذبة. كما أنها تقع من الأفراد العاديين.
Advertisements
الجريدة الرسمية