رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هذا الصوت.. هدية لمصر !


نعيش ندرة في المال وفي النفس وفي الخيال. وبينما تبدو الصحراء مقفرة، تأتى نسائم صوت شابة مصرية تصاحب وجوهنا وأسماعنا، كحلم كنا نتمناه. "نوران أسامة أبوطالب". حالة فنية فريدة قائمة بذاتها. صاحبة صوت جمع بين الفرحة والشجن. الدلال والعفوية. العمق والخفة. الفيروزية وذاتها!


رأيتها في ساقية الصاوى تغنى ساعتين لفيروز. في الحق لم تكن فيروز الرائعة فحسب، بل كانت نوران المصرية، تشدو بقطع من ألحان السماء بصوت مقتبس من نسيم صاف، عطف على الأرض، في مودة وحب. فرقة موسيقية صغيرة لا تزيد على ثلاثة موهوبين، عازف الجيتار سامر جورج، وعازف الكلارينيت مصطفى سعيد، وعازف الإيقاع هاني بدير. مع صوت نوران أبو طالب، على أوتار الحنجرة المصرية الودودة مضى إيقاع الموسيقى متناغما. 

وبدا التآلف الروحي والفنى بين الرباعي الناجح. كلهم شباب في مقتبل العمر، وجمهورهم الذي ملأ قاعة ساقية الصاوى في المرات التي ذهبت فيها للاستماع والاستمتاع، جمع بين شباب وكبار كثيرين، اجتمعوا كلهم حول الدفء الخاص المصاحب لصوت يشرح الصدور، ويبعث في القلب بهجة ورضا.

الفرحة التي تستقر بوجدانك كمصرى أن الحمد لله أن هذا البلد لايزال خصبا ولودا، وأن أجيال العظماء تتواصل، وأن الحلقة الحالية الساقطة من الغناء الهامبرجر تمضى إلى مصارفها الطبيعية بغير أسف، وأن جيلا من جيل نوران مؤمن بأن الفن الحقيقي هو الذي يهز الروح قبل أن يهتز له الجسد في وقار، لا خلاعة!

غنت نوران أبو طالب أشهر أغنيات فيروز، "يا مريم" و"حبيتك في الصيف"، و"ساعة الشتوية"، و"اديش كان فيه ناس".. و"بيت في كندا".. و"نسم علينا الهوا "، و"ليلة عيد" و"صباح ومسا".. وفي كل مرة كان التصفيق الحار يطالبها بالمزيد. لها روح حلوة وطلة أحلى على المسرح.

هي محترمة وبسيطة وبنوتة في ملبسها. هي كصوتها شجية وخصبة التلوين والتنقل بين المقامات. حرصت طوال العرض على حسن تقديم زملائها الثلاثة، والإشادة بدورهم في نجاحهم الجماعى. وهذه روح طيبة، واستعادة لتقالبد موسيقية افتقدناها منذ رحيل الأجيال الكبيرة التي أعطت السعادة لقلوب كل الأجيال حتى الآن.

لم تأت هذه الموهبة الثرية من فراغ إلى فراغ؛ وبالرغم من دراستها بكلية الحقوق باللغة الإنجليزية وتخرجها وعملها بالقانون الدولي، فقد تلقتها بالرعاية والتدريب والصقل أسرة مصرية مرموقة فنيا وأكاديميا ؛ فوالدها هو الدكتور أسامة أبو طالب أستاذ الدراما بأكاديمية الفنون، ورئيس البيت الفنى للمسرح السابق، ووالدتها، ومعلمتها التي تدين لها بالفضل، هي الدكتورة نسرين رشدي أستاذة الأوبرا في الكونسيرفتوار ومغنية الأوبرا والشرقي.

بدأت نوران مشوارها الموسيقي بالفرقة الموسيقية بالجامعة الألمانية، وقام بتدريبها موسيقيون مصريون وألمان. تستعد مع سامر جورج عازف الباص جيتار لأول أغنية خاصة بها من كلمات الشاعرة دعاء عبد الوهاب.

فرحان بصوت نوران لأنه مصرى، ولأنه جميل روحانى محلق ولأنه واعد باستئناف جيل الغناء الراقي. هل تنتبه وزيرة الثقافة الفنانة الدكتورة ايناس عبد الدايم إلى هذه الموهبة المطبوعة بلا تكلف، فترعاها، وتحيطها بالأدوات والاهتمام، لتزداد تألقا ونجاحا!؟
أتوقع ذلك بالتأكيد من السيدة الوزيرة، فهذا من مسئولياتها العديدة، وواجبها، تقديم الفن المصرى الجميل، فنرى نوران تشدو على خشبة المسرح بالأوبرا.
Advertisements
الجريدة الرسمية