رئيس التحرير
عصام كامل

ستيف جوبز «تفاحة فاسدة»


لعل من أبرز الأخبار خلال الأيام الماضية، أن مصر هددت شركة أبل بملاحقة جنائية إن لم تلغ القيود على استيراد منتجاتها، ومنحتها 60 يوما فقط، لأن أبل وموزعيها خالفوا قانون حماية المنافسة، وعزلوا السوق المصرية جغرافيًا من عوامل المنافسة البينية وحظر الاستيراد الموازي وعقد اتفاقات توزيع حصرية ما أدى إلى ارتفاع أسعار منتجات أبل في مصر بصورة تفوق أسعار المنتجات ذاتها في دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة".


أتمنى أن تضغط حكومتنا على الشركة العملاقة، لمساواة أسعارها في مصر مع أسعار بقية الدول، ورغم أن أسعار "أبل" مبالغ فيها من الأساس، لكن الحقيقة من اعتاد استخدام منتجاتها يجد صعوبة في التحول عنها رغم سلبياتها في الفترة الأخيرة.

أذكر حين كشف "ستيف جوبز" عن أول هواتف "آيفون" وأذهل العالم بما قدمه من ثورة في الهواتف الذكية، قررت حينها التحول إلى استخدام آيفون رغم سعره المبالغ فيه، وكانت الصدمة الأولى عدم وجود كتالوغ لكيفية الاستخدام والتشغيل، وبسؤال الوكيل جاء الرد "أبل لا تصدر كتالوغات وعلى المستخدم الاكتشاف بنفسه"، طبعا عانيت كغيري وكنا نتبادل المعلومات حتى اعتدنا على "آيفون" وبات صعبا التحول عنه، فالاضافات والمزايا في الاصدارات الجديدة سنويا تهون المبالغة في سعره.

لكن في العامين الأخيرين لم تعد "أبل" كما كانت ولم تقدم ابتكارات جديدة، وزادت مشكلات وسلبيات الأجهزة، بل أن جميع مزايا إصداراتها الحديثة سبقتها إليها الشركات المنافسة، وبعد أن كانت تتصدر الهواتف الأكثر مبيعا، تراجعت أمام سامسونغ، وفي الأشهر الأربعة الأخيرة تلقت صفعة ثانية حين تمكنت هواوي الصينية من انتزاع المركز الثاني لأكثر الهواتف مبيعا في العالم لتتراجع أبل إلى المركز الثالث، وتبقى سامسونغ في المقدمة.

أصبحت أبل أول شركة مدرجة في البورصة تصل قيمتها إلى ترليون دولار، رغم تراجع المبيعات في العالم كله، لأن المبالغة في أسعار الأجهزة تعوض دائما انخفاض المبيعات، وهي إستراتيجية تعتمدها الشركة حاليا، وقد حذرت مجلة "فوربس" من أن اعتماد أبل على سحب مزيد من المال من جيوب مستخدمي "آيفون" لن يدوم في ظل طرح تصميمات ومواصفات تتفوق عليها من هواتف أندرويد وبأسعار أقل.

إصرار "أبل" على المبالغة في أسعارها رغم تراجع مزاياها، يعيدنا بالذاكرة إلى انتظار العالم كله سنويا مفاجآت مؤسس الشركة "ستيف جوبز" عند عرضه الاصدارات الجديدة، وكان حينها يجعل حَمَلة هواتف "آيفون" ينظرون إلى أنفسهم نظرة الاختلاف عن الآخرين.

قاد جوبز بابتكاراته عالم تكنولوجيا المعلومات خلال أربعين عاما في شركة "أبل" بتقديم أول حاسوب شخصي عام 1976 "ماكنتوش" بعدما كانت تقدم شركة "آي بي ام" الحواسيب التجارية والحكومية الضخمة، وكانت تلك النقلة الأولى التي أدخلها إلى عالم التكنولوجيا بتحويل الكمبيوتر إلى الاستخدام الشخصي. وأتبعها بنقلة ثانية مع تحويل استخدام الكمبيوتر المكتبي إلى الاستخدام المحمول بسلسلة منتجات "آي" التي أتاحت التكنولوجيا للمستخدمين في كل وقت وكل مكان عبر أجهزة "آيبود وآيفون وآي باد ومتجر آي تيونز الموسيقي العملاق ومتجر أبل ستور" الذي يوفر تطبيقات هائلة تغطي كل مناحي الحياة.

"جوبز" الذي غير وجه تكنولوجيا العالم فشل دراسيا وطردته الكلية التي يدرس فيها، وكان مصابا بـ "الدسلكسيا" ويجد صعوبة في القراءة. ومع اعتماده كليا على التكنولوجيا منع ستيف أطفاله من استخدام أجهزة الآيباد، ومنتجات أبل وجميع أشكال التكنولوجيا حتى يعيشون طفولة طبيعية.

من غرائب حياة "جوبز" عدم تفضيله الاستحمام كثيرًا، معتقدًا أن اعتماده نظام غذائي نباتي وابتعاده عن اللحوم لا يجعله بحاجه للاستحمام.. كما اعتبر أن تناوله المخدرات وعقاقير الهلوسة من أهم الأمور في حياته.

تكشفت كثير من غرائب حياة "ستيف جوبز" مؤسس واحدة من أهم شركات العالم بعد وفاته، لكن جاءت مذكرات ابنته "ليزا"، في الأشهر الماضية لتقضي على الهالة المحيطة باسمه وحياته، إذ نشرت "ليزا" مذكراتها بعنوان " Small Fry"، قدمت فيها صورة مغايرة لما اعتقده كثيرون عن "جوبز"، مؤكدةً أنّه كان يعاملها بغلظة وجفاء، وغالبًا ما كان يقسو عليها بعبارات قاسية.

وقالت الابنة الكبرى إن مؤسس "أبل كان تفاحة فاسدة".. فهو أنجبها وعمره 23 عاما من علاقة مع والدتها ثم أنكر نسبها إليه، وزعم زورًا أنه عقيم وأن شريكته السابقة كانت تلهو مع الرجال. لكن اختبار الحمض النووي أثبت أنها ابنته، ومع هذا تركها تعيش في فقر مع والدتها التي عملت نادلة للإنفاق عليها في وقت كان يملك 200 مليون دولار، وأمام إصرار الأم منحهما جوبز 500 دولار نفقة شهرية.

تشير "ليزا" إلى أنّ والدها قال لها حين التقته وهو على فراش المرض: "رائحتك تشبه رائحة المرحاض"!!. وعندما سألته إن كان سيعطيها سيارته "بورش" القديمة إن أراد استبدالها بأخرى فرد: "لن تحصلي مني على أي شيء أبدًا". لذا تعتبر "ليزا" أنّ النجاح المذهل كان سيئًا على والدها، إذ حوّله إلى "شيطان"، وأنها ربما أخطأت بمحاولة التقرب منه، فهو بخيل بالمال والطعام وحتى الكلمات.. ومع هذا تقول انها غفرت له كل شيء وتحبه، وتريد الآخرين أن يغفروا له، وتعلم أن ذلك قد يكون مشكلة.
الجريدة الرسمية