رئيس التحرير
عصام كامل

فتنة المقدمة والمؤخرة!


واضح أن المسألة الجنسية في مصر باتت وأصبحت، وكانت، ولا تزال، هما كبيرا وشغلا شاغلا، لكل أفرع المجتمع، الخامل منها والنشط!

البرلمان مشغول، والفقهاء يفتشون في أضابير، ملفات يعني، الكتب القديمة، والفنانات يتابعن أحدث مجون وجنون خطوط التعرى، وبخاصة ما كشف وأسفر عن الأرداف والثلث الأخير الساقط المتدلي من المؤخرات! فقيهات مصر من سعاد إلى آمنة، ومشرعو مصر من العشبجي حساسين إلى مشرعي قوانين إخضاع المرأة لرغبة زوجها بمجرد الإشارة والاحتياج، كلهم منغمسون في مناقشة الضرر البالغ الذي لحق بالحياة الأخلاقية في المجتمع المصرى المتدين.


البرلمان سيناقش كيف ولماذا ومن سمح بظهور مؤخرة ممثلة. والقضاء سيحاكم تلك الممثلة التي تحرض على الفسق والبغاء. وفيس بوك سهران يقاوم ويقاوم النوم، متابعا، كتائب التأييد لكشف ظهر الممثلة، وكتائب التنديد بمن وصفوها بالعاهرة! لماذا فعلت رانيا يوسف ذلك؟

ما هي القيمة الجمالية والفنية البارزة في إزاحة الستر عن ثلث المؤخرة، ناهيك عن الساقين كاملين في مناسبة ثقافية سينمائية عالمية؟

حجتها أن هذه موضة عالمية والمهرجان عالمي.

انفردت وحدها بالتفسير والتمست لنا العذر في الخضة. بالفعل الناس مخضوضة، ليس من بقايا مؤخرة، زادت أو نقصت تبقى مؤخرة، بل من التجرؤ على التفلسف وعلى التبرير. تريد إلى القول إنها تسبق الذوق العام بمؤخرتها! لا يتحقق التقدم بالمؤخرات، ولا يتحقق الرقي بالأجزاء الدنيا السافلة ولا يقع فن باستعراض مفاتن. تقع شهوة فقط. في حالة رانيا لم تقع شهوة. وقع قرف واستهجان.

ماذا كان ينقصها؟

أأرادت الشهرة؟ لها منها نصيب، ليس قدرا عظيما مبهرا، لكنها حققت نجاحات في بعض المسلسلات، لم تتعر فيها! حققت شهرة بمشكلات وفضائح زوجية؟ يمكن للصوص والقتلة تحقيق شهرة أعلى.

صعب إذا كنت محترما في مصر أن تحقق الشهرة بسهولة. العقل لا يلوى أعناق الجماهير، ولا يجذب إليه كاميرات التافهين. جزء من مؤخرة امرأة متبجحة لوى عنق مجتمع بحاله، وألقى بالجزء السافل على مائدة البحث البرلماني، وربما تنتقل القضية إلى دهاليز مجلس الأمن الدولي.

الذين رفعوا قضية على الممثلة مخطئون، والذي رفع الأمر للبرلمان ليس بأفضل منها عقلا، فما يبيعه هو الآخر ليس علما ناجعا، ولا فكرا يطور حياتنا. إن هي إلا سويقة، فيها الكل يبيع، والكل يشترى، والكل يتفرج والكل يلبس والكل يقلع، والكل يلطم والكل يصلي والكل يسرق، والكل يشق الجيوب والكل يزغرد.

فتنة المؤخرة أرحم من فتنة الرأس. هذا حال الناس الآن. التفاهة والسفالة في المقدمة، والعقول العظيمة في المؤخرة!

الجريدة الرسمية