رئيس التحرير
عصام كامل

صدقوهم حين يقولون: «لن نبقى معكم»


القرّاء الأعزاء جاءتني رسالة من أحد القرّاء الكرام تركت أثرا كبيرا على نفسي، وأود أن أشارككم إياها، تقول الرسالة:

"سني ٢٢ سنة، توفي أبي العام الماضي وكنا في حياته ميسوري الحال، وكنت أعامله معاملة لا تليق بابن وأبيه، وعندما كانت والدتي تحاول أن تنصحني كنت أرفض النصيحة، وكنت أتخيل أنها تحاول أن تتجاهل شخصيتي، وكنت أتخيل أيضا أنني أفهم الدنيا أفضل منهم، لأن لي شخصيتي، وهم ناس طيبون..


وسبب الخلاف أنهم كانوا يرفضون أصحابي الذين كنت أحبهم، الذين كنت أصرف عليهم من مصروفي، وكانوا حولي أكثر من الأخوات، وما إن غادر أبي الدنيا، تغير حالنا وتدهورت معيشتنا، ولَم أجد أيا من أصدقائي الذين كانوا حولي، وعندما يروني يتجاهلونني كأننا لم نعرف بعضا يوما ما.

ليت الزمان يعود لأقبل قدم أبي وأسمع كلامه، وأقول له إني آسف، ليت الزمان يعود لأقول له إني كنت مخطئا في حق نفسي وحقه، وإني لم أصدقه حين قال - لن ندوم لكم.

رسالتي إليك للأسف لن تعيد أبي للحياة، ولن تسكن آلامي وأحزاني التي تتجدد كل يوم حين أتذكر ما كنت أفعله، وكنت لا أدري بهذا العذاب، إنما رسالتي لكل القرّاء أن يصدقوا أهلهم حين يقولون (لن ندوم لكم).

اغتنموا كل لحظة تعيشون معهم فيها اهتموا بهم، أكرموهم واسمعوا كلامهم كله، وتناقشوا معهم فيما لا ترونه مناسبا لكم، إنهم حقا يريدون مصلحتكم، يريدون أن تكونوا أفضل منهم، لا تتعبوا قلوبهم، ولا تدخلوا على أنفسهم سوى الخير، فحينما يفارقون الحياة فقط نعرف الحياة التي كنّا نعيشها في حياتهم".

القارئ الكريم أشكرك على رسالتك التي لا أستطيع أن أعبر كيف لمست الحقيقة مع صغر سنك، ونصيحتك الكريمة للشباب أن يحافظوا على أهلهم ويراعوهم ويسمعوا نصيحتهم، فالوالدان دائما يريدان أبناءهما أفضل منهما، ولا أجد من جميل الكلمات أختم به حديثي إلا ما تفضلت به من حقيقة واضحة وسأقول (لن ندوم لكم).

فانتهزوا كل لحظة واشعروا بنعمة الله عليكم لوجود أب وأم وعائلة ولتكونوا جسدا واحدا وقلبا واحدا تخافون على بعض، وإن فارق أحد الحياة وهذا حق فالباقي يظلون أيضا جسدا واحدا أيضا للأبد لا يفرقهم ميراث ولا ضغائن، إنما يجمعهم حب عائلتهم، فالدعم العائلي هو الأهم لعلاج أي حزن لفراق، وهو الباقي للأبد.
الجريدة الرسمية