رئيس التحرير
عصام كامل

«فرشتنا تراب».. كيف تكون الحياة في «عشة» بالشرقية (فيديو)

فيتو

في غرفة وصالة من الطوب اللبن مفروشة بالخشب والغاب يتسللها مطر الشتاء.. وتكتوي بحر الصيف تحيا أسرة حياة صعبة.. الصالة بالكاد تسع بوتاجاز صغير الحجم وحنفية مياه أما دورة المياه فلا وجود لها.


تعيش «أم مصباح» وزوجها الذي يعمل فرانا في ذلك المنزل البسيط في الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، الذي يصطلح من يراه على تسميته عشا أو كوخا.. الدموع تنهمر من عينيها: الحاجة وحشة يا بنتي، ربنا ما يحوجك لإنسان إحنا عايشين في مرار، حياتنا مفيش بني آدم يتحملها، لكن الحمد لله.. مأساتنا أن زوجي مريض بجلطة، وكان طريح الفراش تركته لأعد له الطعام، وفجأة وكأن زلزالا ضرب المكان، ووقعت الجدران أمام عيني وتساقطت فوقي لولا تدخل الجيران بعد سماعهم صرخاتي وأنقذوني، وأصبح البيت الذي كان ساترا لي ولزوجي عراء «وبقينا في الشارع» لولا تدخل أصحاب الخير، حيث بنوا لنا الجدران بالطوب الأحمر، ولكن الخوف ما زال يطاردني، أخشى تكرار ما حدث، فالبيت قديم جدا، وذلك الطين ينهال من وقت لآخر، وكأن عمره انتهى.

وتابعت: «أما تلك الغرفة التي تحمل سريرا بجواره ثلاجة اشتريتها مؤخرا بالقسط لتحفظ أدوية زوجي المريض».

سادت حالة صمت يخترقه صوت بكائها، وبعد لحظات أكملت "أم مصباح": «الدنيا فانية، وحياتي أنا وزوجي على كف عفريت، أنا أهو عايشة لوحدي معاه هو مريض عاوز اللي يخدمه، ويفضل تحت رجليه طول الوقت، وأنا مريضة ببكي على حالي ممكن في أي لحظة تيجي لي غيبوبة سكر ومحسش بالدنيا، مين ساعتها هيلحقني وياخد باله من زوجي، عندي 3 أولاد متزوجين وعايشين برا كل واحد فيهم عايش في شقة إيجار، وكلهم شغالين باليومية يادوب مكفيين مصاريف بيتهم بالعافية، أما أنا وزوجي ربنا يتولانا.

وأردفت بعد تنهيدة طويلة «في الشتا المياه بتتساقط علينا واحنا نايمين زي الحنفيات، والبيت بيبقى معجنة، ملابسنا بتتبهدل والسرير بيبقى غرقان مياه، والبيت كله بيبقى طين، في الشتا اللي فات وفي نص الليل، زوجي كان نائما على نفس السرير دا ومية المطر غرقته، طلب مني أمشي من البيت واقعد عند واحد من ولادي، ورفضت أسيبه لوحده قولتله أنا معاك في المرة قبل الحلوة مش هسيبك لوحدك، وحاولت أغطي السقف بمشمع وكراتين علشان يقلل المياه شوية.. وكل اللي بتمناه الآن إعادة بناء جدران الغرفة بالطوب الأحمر فقط، حتى ينقذونا من انهياره مرة أخرى ومساعدتي في علاج زوجي.
الجريدة الرسمية