رئيس التحرير
عصام كامل

اغتيال منتصف الليل.. ما هو دور قطر في عملية إسرائيل بقطاع غزة؟

نتنياهو
نتنياهو

شهدت الأجواء في قطاع غزة الليلة الماضية، تصعيدًا مفاجئًا بعد أن شن جيش الاحتلال هجومًا على قرية خان يونس بالقطاع أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين بينهم القيادي في حماس، نور الدين بركة، وكذلك مقتل جندي صهيوني "يوسي أمير" 44 عاما من كتيبة جولاني وإصابة آخر، ورغم أن الاحتلال ادعى أنها عملية دفاعية ضد التهديدات التي تواجهه، إلا أنها في الواقع أظهرت كذب إسرائيل من خلال تناقض الروايات في الصحف العبرية.


وتأتي العملية بعد يومين من سماح الحكومة الإسرائيلية لقطر بإدخال 15 مليون دولار إلى غزة، من أصل مبلغ 90 مليون دولار وعدت قطر بتحويلها إلى حماس، وهى العملية التي يرى المراقبون أن هدفها بقاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وعرقلة أي خطوة باتجاه المصالحة وكذلك رغبة قطرية إسرائيلية لإضعاف السلطة مقابل تعزيز قوة حماس وفي ذلك مصلحة إسرائيلية وبالتالي منع إقامة دولة فلسطينية.

روايات الإعلام العبري عن العملية كانت مليئة بالتناقضات، في حين أن بعض التقارير تحدثت عن أن منفذيها كانوا بزي القوات الخاصة، قالت تقارير أخرى إن المنفذين ارتدوا زي النساء، وفي الوقت الذي أكدت فيه تقارير أن الهدف منها هو تصفية «بركة» الذي كان الصيد الثمين من العملية، زعمت تقارير أخرى أنها عملية دفاعية انتهت بورطة كبيرة ولم يكن هدفها عملية اغتيال أو قتل.

تهدئة معارضي نتنياهو
من الجهة الإسرائيلية، يرى مراقبون أيضًا أن الهدف من العملية هو تهدئة المعارضة الإسرائيلية الشديدة التي رفضت إدخال الأموال القطرية إلى غزة، إذ يرغب رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أن يوصل رسالة لمعارضيه مفادها: أن الاتفاقات مع حماس لا تعني التخلي عن استخدام القوة أو تصفية عناصر من حماس.

معلومات استخباراتية
المحلل العسكري الإسرائيلي للشئون العربية، رون بن يشاى، كتب تحليلًا حول العملية الإسرائيلية التي وصفها بأنها سرية وتعقدت في قطاع غزة، منتقدًا دخول قوة من الجيش حتى لو كانت مدربة ومؤهلة لذلك، إلى بلدة في القطاع، لأنها برأيه هي عملية تعرض حياة الجنود للخطر ويمكنها أن تؤدي إلى وقوع أحدهم في الأسر، ويمكن أن تؤدي بالطبع إلى تصعيد حاد وتوتر، ولذلك، فإن عملية مثل هذه التي نفذت مساء الأحد تعتبر عملية نادرة في السنوات الأخيرة، ولها أن تتم في ظروف خاصة فقط حين تتوفر معلومات استخباراتية أو عملياتية وهو ما لم يكن موجودا.

بن يشاى، أَضاف أنه أحيانًا تتم هذه العملية عندما تتوفر معلومات استخباراتية نوعية عن فرصة لا تتكرر لتصفية أحد العناصر التي توصف بأنها "إرهابية"، أو تدمير مركز معلوماتي للعدو أو تعطيل وسائط قتالية ذات جودة عالية، أو للحصول على ورقة مساومة مثلما فعلت إسرائيل عندما خطفت مصطفى الديراني في عام 1994 للحصول على معلومات عن رون آراد، أو الإفراج عنه مقابل الإفراج عن الطيار الذي أسر في لبنان ولم يعد. لكن على ما يبدو لم تكن النوايا هنا من هذا القبيل، ويبقى السؤال: "ما الذي حدث هناك بالضبط، كيف ولماذا انكشف عناصر العملية السرية وتورطوا في الاشتباك؟ والأمر الآخر المثير للحيرة: كيف ظهر قائد رفيع من حماس في مسرح العملية؟".

وأشار إلى أن هذا النوع من العمليات ربما يهدف إلى حالة من الهلع في صفوف قيادات حماس وغيرها من حركات المقاومة في غزة، من أجل الذهاب إلى التسوية مع الحركة من منطلق الردع الحقيقي.

وتابع أنه حتى هذه اللحظة، يبدو أن حركة حماس مترددة هل ترد بنيران الصواريخ بصورة واسعة النطاق على إسرائيل أم تضبط نفسها حتى لا تخسر التسهيلات التي تحصل عليها مقابل التهدئة، لكن تقديرات الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن حركة"الجهاد الإسلامي تدفع باتجاه الرد على هذه العملية، وحماس لن تصمد أمام هذه الضغوط، من ناحيته، سيرد الجيش الإسرائيلي في كل حال على إطلاق الصواريخ ونتوقع عدة أيام من الاشتباكات.

بنود سرية
والبعض يرى أيضًا أن مثل هذه العملية تندرج ضمن بنود سرية لصفقة حماس وإسرائيل برعاية قطر بموجبها يتم تصفية بعض قيادات حماس المعارضة، مقابل تحقيق مصلحة الطرفين، وإسرائيل لديها رغبة في تصفية المنشقين عن حماس الذين يشكلون خطرًا بالنسبة لها.

ولم يكن «بركة» معروفًا لدى الفلسطينيين؛ فعمله العسكري في حماس ربما دفعه إلى اعتماد التكتم على شخصيته وطبيعة الدور الذي يلعبه في المقاومة.

وكشف الإعلام العبري إلى أن نور بركة كان قائد ذراع الأنفاق التابع لكتائب القسام في خانيونس.

وقال ناشطون فلسطينيون آخرون إن "بركة يحمل شهادة ماجستير في الفقه المقارن، لكن يبدو أن لا أحدَ مِن هؤلاء كان على علم بطبيعة دوره العسكري في حماس".


وعلى الجانب الآخر اعتبرت تقارير فلسطينية أن العملية هدفها إجبار حركة حماس وقيادات الحركة على نزع سلاح حماس وإقامة منطقة منزوعة السلاح بقطاع غزة.

لا عهد لهم
ومن جانبه، علق عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، على تصعيد أمس قائلًا: إن تصدى المقاومة الفلسطينية للكيان الصهيوني شرق خانيونس أظهر كذب الاحتلال وعدم احترامه للاتفاقيات الدولية، مضيفًا في تغريدة له عبر تويتر، أن تصدى الأبطال المقاومين ببسالة للعدوان الإسرائيلي الجبان وإفشاله، له دلالة كبيرة وعميقة حيث بين حجم الكذب الذي تقوله إسرائيل أمام المجتمع الدولي عن احترامها للاتفاقيات والتفاهمات، حيث أثبتوا أن لا عهد لهم ولا ذمة وكما وصفهم سبحانه: "كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم".

النوايا الحقيقية
بدوره، أكد الناطق باسم حركة الجهاد في فلسطين مصعب البريم اليوم الإثنين، أن ما حدث الليلة شرقي مدينة خانيونس يعكس النوايا الحقيقية للاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني وتجاه غزة والمقاومة على وجه التحديد، الأمر الذي يستوجب البقاء في أتم الجاهزية والاستنفار، مضيفًا في تصريحٍ صحفي وصل الوكالة الفلسطينية "أمد للإعلام" نسخة عنه: "نحن على استعداد لصد أي اعتداء، ولا زلنا في متابعة وتقدير ما يحدث ونطمئن شعبنا أن المقاومة تتعامل في الميدان وفق تقديرات الواجب".

ومن ناحية أخرى، زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، رونين منليس، اليوم الإثنين، أن العملية العسكرية التي نفذها الاحتلال أمس في عمق غزة لم تكن محاولة اغتيال أو خطف وإنما القوات عملت بالشكل المناسب، ونقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية زعمه أن عملية الليلة الماضية كانت محاولة للرد على التحديات التي تهدد إسرائيل.

وأضاف منليس: "الهدف من العملية الحفاظ على تفوق إسرائيل على أعدائها، قامت القوة الخاصة بعملية ممتدة واجهت خلالها حقيقة معقدة للغاية"، وأثنى منليس على المشاركين في العملية وقال: "لقد تصرف المقاتلون ببطولة وأجروا معركة مناسبة لإزالة تهديد وإنقاذ إسرائيل، قمنا بتعزيز قواتنا ودفاعنا، وأجرينا سلسلة من التقييمات، ونحن مستعدون لأي تطورات تحدث".

وفي ضوء التوتر قطع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، زيارته إلى باريس لمتابعة الأوضاع الأمنية، فيما أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي جادي إيزنكوت جلسة تقييم مع رئيس "الشاباك" نداف أرجمان بمشاركة كبار ضباط الجيش ومؤسسة الأمن حول العملية، قائلين: "ستعمل بقوة إذا لزم الأمر".
الجريدة الرسمية