رئيس التحرير
عصام كامل

فكري أباظة يكتب: الخطر الأكبر

فكري أباظة
فكري أباظة

في مجلة المصور عام 1953 كتب فكري أباظة مقالا عن الزيادة السكانية قال فيه:

منذ عشرون عاما كنت ولا فخر بعيد النظر، وقصر البصر غير قصر البصيرة، ألقيت في الجامعة الأمريكية محاضرة عن هذا الخطر الأكبر، وأقصد به تزايد عدد السكان في مصر تزايدا رهيبا، وأذكر أن تلك المحاضرة أحدثت ضجة وأثارت حملة ترجمت بعض مقتطفاتها في صحف أجنبية.


وقد تحصنت ــ إذ ذاك ــ بآراء الشيخ المراغي وأحمد إبراهيم أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق فكانت فتواهما، أنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام فإذا ثبت أن تزايد عدد السكان من شأنهما أن يحدثا اضطرابا اقتصاديا واجتماعيا، وأن يحدثا ضررا بليغا بالمصلحة العامة فتحديد النسل مباح.

ودعمت تلك الفتوى بفتاوى طبية من أطباء متخصصين منهم أحمد شفيق ونجيب محفوظ.

ومرت السنوات ودعاني سلاح المهندسين بالجيش إلى إلقاء محاضرة العام الماضي فاخترت نفس الموضوع، واستندت في محاضرتي إلى دخلنا القومي النحيل، وإلى مساحة الأرض المنزرعة التي لم تزد منذ 40 سنة، وإلى تضاعف عدد السكان كل خمسين عاما، وإلى انخفاض مستوى المعيشة، وزيادة عدد المستشفيات وتقدم الطب الوقائي انخفض بالوفيات وزاد بالمواليد.

تنبهت دول قبلنا لهذا الخطر وعني به الأمريكان بل عنيت به الأمم المتحدة، وكأن المصريون يتجاهلون هذا الخطر الأكبر إلى أن تنبهوا إليه أخيرا فعقدوا مؤتمرا بدار الحكمة وصدرت فتوى من مفتي الديار محللة علاج الخطر.

وقد أردت من محاضراتي أن ننبه الثورة التي تواجه الإصلاح العام إلى أن أساس كل إصلاح هو أن يهيئ للأهلين عيشة راضية مرضية هينة لينة لا عسرة فيها ولا عنف، وأنه من العبث أن نحاول زيادة الإنتاج والتصنيع وزرع الأراضي بينما عدد السكان يستفحل ويتضاعف ويلتهم كل محصول أو رزق يزيد.

إن البيانات والإحصاءات التي تحت أيدينا التي تعرفها جيدا وزارتا الصحة والشئون الاجتماعية تنذر بخطر داهم، فلا بد من تجنيد عاجل لذوي الرأي والعلم والخبرة والتخصص لمواجهة هذا الخطر الأكبر ووقفه عند حده قبل أن يفوت الأوان.
الجريدة الرسمية