رئيس التحرير
عصام كامل

المختصر المفيد حول العقوبات الأمريكية على إيران.. 4 أهداف تريد واشنطن تحقيقها.. 5 تأثيرات على اقتصاد طهران.. إدانة 3 دول لإجراءات أمريكا.. وتعميق الفجوة بين أوروبا والولايات المتحدة

فيتو

في صراعها مع إيران تبدأ واشنطن المرحلة التالية من التصعيد غدا الإثنين، وتستهدف العقوبات الجديدة قطاع تصدير النفط والقطاع المالي، في حين تواجه أوروبا صعوبة في اتخاذ إجراءات مضادة.

ماهية العقوبات
اعتبارًا من الغد تحظر جميع المعاملات النفطية مع شركات النفط الإيرانية، كما ستحظر أيضًا التأمينات بجميع أنواعها، حتى تلك المتعلقة بنقل النفط، وتشديد العقوبات المالية الحالية، والتي تشمل أية معاملات مع البنك المركزي الإيراني أو مع أية بنوك إيرانية أخرى.

ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات بأنها "أقسى عقوبات على الإطلاق"، وترغب الإدارة الأمريكية إرجاع صادرات النفط الإيرانية إلى نقطة الصفر، حتى لو لم يكن ذلك ممكنًا، فإن أي تقييد على صادرات النفط ستكون مؤلمة للاقتصاد، إذ إن نحو 80% من عائدات إيران تأتي من مبيعات النفط، ومع تدفق نحو 60٪ من الميزانية الإيرانية على تمويل الشركات والمؤسسات المملوكة للدولة، تعتمد البلاد بشكل كبير على عائدات تصدير النفط.

العقوبات الجارية
في أعقاب الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاق النووي، يوم 8 مايو الماضي، حددت الولايات المتحدة لشركاء إيران مهلة زمنية لإيقاف أنشطتهم التجارية مع الجمهورية الإسلامية، الموعد الأول لمدة 60 يومًا انتهى في 6 أغسطس، بعد ذلك مُنع بيع الدولار الأمريكي إلى إيران.

كما تم فرض عقوبات على الصناعات الرئيسية مثل صناعة السيارات الإيرانية وصناعة السجاد، حتى بيع الطائرات التجارية أو قطع غيار الطائرات، الذي كان يعاني من إعاقة كبيرة، تم حظره بشكل تام، وستنتهي المهلة الثانية الـ120 يومًا، غدا الإثنين 5 نوفمبر 2018.

هدف العقوبات
وفقًا للحكومة الأمريكية، فإن العقوبات تمثل "أقصى ضغط" يمكنه إجبار إيران على تغيير سلوكها.

وقدم وزير الخارجية مايك بومبيو قائمة من 12 طلبًا في خطاب ألقاه يوم 21 مايو الماضي، والذي وجب على إيران الوفاء به، لتجنب الإجراءات العقابية من وجهة نظر الولايات المتحدة.

ومن بين الإجراءات العقابية الأخرى، ستتخلى إيران عن برنامجها الصاروخي، وإيقاف دعمها "الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله اللبناني وحماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، كما يجب على إيران أيضًا سحب جميع القوات التي تعمل تحت قيادتها من سوريا وتسريح الميليشيات الشيعية في العراق.

من الناحية الرسمية، فإن الإطاحة بالحكومة الإيرانية ليست هدفًا للعقوبات، لكن تصريحات مستشار الأمن القومي جون بولتون أو محامي ترامب ورئيس بلدية نيويورك السابق، رودولف جولياني، توحي بأن عدم استقرار إيران وتغيير النظام في طهران موضوع يمكن أن يكون مرحبًا به.

رد فعل الشركاء
أدان كل من الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي، وهما - ألمانيا وفرنسا وإنجلترا - بالإضافة إلى الصين وروسيا خروج الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق النووي، هؤلاء يريدون التمسك بالاتفاق النووي الذي استمر التفاوض عليه أكثر من 12 عامًا.

والهدف من الاتفاق هو تجنب خطر التسلح النووي الإيراني وبالتالي سباق التسلح النووي في المنطقة، لكن سلوك إيران في المنطقة لم يكن أبدًا جزءًا من الاتفاق، فإيران نفسها تريد المحافظة على الاتفاق، ولكن فقط في حالة استمرارها في الاستفادة من الفوائد الموعودة من الاتفاق، والتي تشمل أولًا وقبل كل شيء التبادل الاقتصادي، الذي كان متدهورًا قبل إبرام الاتفاق.

وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية استمرار التزام إيران بجميع لوائح الوكالة، وللحفاظ على الأمر بهذه الطريقة، يستمر شركاء الاتفاق في محاولة الإبقاء على العمل مع إيران، من خلال التحايل على العقوبات الأمريكية.

مقاومة اليورو
تستفيد الولايات المتحدة من دورها الرائد في الأسواق المالية، والجاذبية القوية للسوق الأمريكية، مقارنة بالسوق الإيراني، كوسيلة لدعم أهدافها السياسية، وبناءً على ذلك، فهناك إجراءات صعبة ضد اللوائح الفعلية للشركات الأوروبية والدولية من قبل واشنطن.

وفي نهاية سبتمبر الماضي، أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية، فيديريكا موجيريني، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنشاء مؤسسة خاصة للتعامل مع إيران، وتعمل كبورصة تبادل أو نظام مقايضة، حيث تتيح للشركات الإيرانية والأوروبية مواصلة التجارة فيما بينهم، وعلى سبيل المثال: تسليم النفط في مقابل آلات النسيج، ولم تعد التدفقات النقدية مرئية في الأسواق المالية الدولية، ولهذا لا ينبغي أن تكون بورصة التبادل هذه مفتوحة أمام بلدان الاتحاد الأوروبي فحسب، وإنما أمام الآخرين أيضًا.

ومع ذلك، فإن بورصة التبادل ليست جاهزة للعمل بعد، كما أنه ليس من الواضح حتى الآن أين يجب أن يكون مقر هذه المؤسسة، وبالرغم من سلطات الاتحاد الأوروبي دائمًا تبدي رغبتها بخصوص مثل هذه المؤسسات، إلا أن الدول الأوروبية تبدو متحفظة بشكل واضح بشأن بورصة التبادل تلك، ربما ذلك راجع إلى تجنب إغضاب واشنطن.

وفيما يتعلق بإعلان موجيريني بشأن إنشاء بورصة تبادل مع إيران، كان رد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قاسيا، إذ قال في آواخر سبتمبر 2018 في نيويورك، إنه "في حيرة وخيبة أمل عميقة"، مضيفًا أنه يعتبر بورصة التبادل "واحدة من أكثر التدابير غير البناءة على الأمن الإقليمي والدولي".

وقال جون بولتون مستشار أمن دونالد ترامب: "إن الولايات المتحدة لن تسمح بكسر عقوباتنا، لا من قبل الأوروبيين أو أي جهة أخرى".

تأثير العقوبات
الريـال الإيراني في حالة سقوط حر وفقد هذا العام أكثر من 70% من قيمته، والتضخم يسير بسرعة، كما انخفضت صادرات الطاقة الإيرانية بنحو الثلث من ذروتها في يونيو الماضي، وأسعار الطاقة المرتفعة حاليًا بشكل ملحوظ في محطات البنزين، لها علاقة أيضًا بالإمدادات التي عرفت التشديد بسبب العقوبات.

بعد ربيع قصير من الاستثمار الدولي في إيران، بدأت الهجرة الجماعية للشركات الأجنبية، كما غادرت العديد من الشركات الأوروبية البلاد خوفًا من فقدان سوقها الأمريكية الأكثر أهمية، وأعلنت شركة الطاقة الفرنسية Total يوم 20 أغسطس عن انسحابها من مشروع الغاز بكلفة مليار دولار، كما انسحبت شركة تصنيع السيارات الألمانية "ديملر" من إيران، مثل شركة صناعة السيارات الفرنسية PSA أو إيرباص.

ونمت التجارة الألمانية- الإيرانية بعد إبرام الاتفاق النووي، وما تبعه من تخفيف للعقوبات في 2017 إلى 3.3 مليارات يورو، لتنهار بعد مغادرة الولايات المتحدة وحدها في مايو ويونيو بنسبة 20%.

وخوفًا من العقوبات الأمريكية، تتردد البنوك الأوروبية بشكل كبير في التعاملات التجارية مع إيران، كما وصل تحويل الأموال إلى طريق مسدود، ما سبب مشكلات كبيرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في أوروبا، التي ترغب مواصلة تعاملاتهم التجارية في إيران، والتي لا تخشى العقوبات الأمريكية، بسبب عدم وجود أعمال لها في الولايات المتحدة.

العقوبات جعلت جميع أنواع الواردات إلى إيران صعبة للغاية، حتى الأدوية الحيوية أصبحت نادرة ولا تتوافر إلا بأسعار مضاعفة، لكن لدى إيران سنوات من الخبرة في التعامل مع العقوبات، وأعلنت التحول إلى "اقتصاد المقاومة"، أما على المستوى السياسي، فيقوي نظام العقوبات القوى المتشددة في إيران، والتي كانت على أية حال تنتقد التقارب مع الغرب.

خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية، والعقوبات المفروضة من جانب واحد على إيران، أدى إلى تعميق الفجوة بين أوروبا والولايات المتحدة، وفي قضية مركزية ودولية كهذه، أصبح الأوروبيون يقفون الآن إلى جانب الصين وروسيا، ضد واشنطن.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية