رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وجريمة القنصلية


يتعامل الإعلام الإخواني عبر قنواته الفضائية مع قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية بإسطنبول على أنه يمثل ضربة قاصمة للسياسة المصرية، فها هي المياه قاربت أن تعود لمجاريها بين تركيا والسعودية، ويبدو أن المصالحة مع قطر على وشك أن تتحقق، بينما أمريكا حصلت كالعادة على نصيبها من الصفقة.. لكل ذلك يسعي الإعلام المعادي للترويج بأن مصر هي الخاسر الوحيد، ويبشرون بخلافات مصرية- سعودية. 


والحقيقة أن مصر لم يكن لها دور يذكر في الخلافات الخليجية -القطرية التي تفجرت بسبب ممارسات قطر ضد أشقائها. بينما العلاقات المصرية- القطرية تتدهور منذ سنوات عديدة سابقة على الخلافات الخليجية، وحتى لو صحت التسريبات الإخوانية بشأن المصالحة بين السعودية وقطر، فإن هذا الأمر لا يؤثر على السياسة المصرية تجاه قطر.

كما أنه لا علاقة لمصر بما يتردد عن تقارب تركي- سعودي، سواء كانت العلاقات بين الدولتين على ما يرام أو على غير ذلك، الأمر يرتبط بالتوافق أو بالتعارض بين مصالحهما. مصر لم تعتد التدخل في سياسات الدول الأخري ولم تنصب نفسها وصية على تلك السياسات.

علاقة مصر بتركيا تحددها المواقف التركية المعادية للدولة المصرية، ومساعيها التي لم تتوقف عن التدخل في اختيارات الشعب المصري، ومازالت تركيا تحتضن جماعة الإخوان الإرهابية وتطلقها للتآمر على مصر، وتوفر لها اللجوء السياسي وتمنحهم التصاريح بإطلاق فضائيات شغلها الشاغل نشر شائعات تستهدف التأثير على صلابة الجبهة الداخلية.

صحيح أن مصر تترفع عن الرد على المؤامرات التي يخطط لها في تركيا، وثبت أن تأثيرها في الشارع المصري محدود للغاية، بل إنها حققت نتائج لم تتوقعها الجماعة الإرهابية، وقد زاد من رقعة المعارضة للداعين إلى تحقيق مصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية.

تراهن الجماعة على حدوث خلافات بين مصر والسعودية التي تواجه ضغوطا غير مسبوقة، بعد جريمة القنصلية البشعة، وتشير التسريبات والشائعات التي تبث عبر الإعلام الإخواني إلى أن الموقف المصري لن يوافق على المطالب التي تسعي كل من تركيا وقطر إلى فرضها على السعودية.

المواقف المصرية الثابتة والحريصة على استقلال القرار المصري وعدم التدخل في سياسات الدول الأخرى يمثل الضمانة الكاملة لاستقلال قرارها، حتى لو اختلفت مع أكبر الأصدقاء. والخلاف بين مصر والسعودية حول القضية السورية لم يفسد للود قضية فيما بينهما.
الجريدة الرسمية