رئيس التحرير
عصام كامل

ملحمة كبريت تروي صمود أبطال الكتيبة 603 ضد العدو الصهيوني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تعد ملحمة كبريت واحدة من أهم المعارك التي شهدتها الحروب المعاصرة وتدرس حتى الآن بالمعاهد العسكرية في العالم كمثال حي على صمود جيش باسل من أجل عدم التفريط في حبة رمل واحدة من أرضه للعدو.


وترجع أهمية "كبريت" إلى عدة نقاط، فكانت مقرًا لإحدى القيادات الإسرائيلية الفرعية، ضمن خط بارليف وملتقى الطرق العرضية شرق القناة، ما جعلها تسمح بالسيطرة على كل التحركات شرق أو غرب منطقة كبريت. كما تقع في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث الميداني.

كما تقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبرى والصغرى، فالمسافة بين الشاطئين الشرقي والغربي عند هذه المنطقة لا تزيد على ٥٠٠ متر، وتوجد في الوسط جزيرة يستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس.

يروي اللواء "سعد الدين أنور"، الذي كان برتبة ملازم أول بالكتيبة حينذاك قائلا :أن اقتحام منطقة "كبريت" لم يكن مخططًا له منذ بداية الحرب ولكن عندما تحرك الجيشان الثاني والثالث الميداني، وبقيت نقطة "كبريت" شوكة في المنتصف، لأنها كانت من أصعب النقاط التي يسيطر عليها العدو، وقبل العبور بنحو نصف الساعة، وصلت معلومات للقيادة العامة للقوات المسلحة تفيد بأن العدو يقوم بتجميع قواته نحو نقطة "كبريت" ويوم 8 أكتوبر تم تكليف الكتيبة ٦٠٣ مشاه أسطول، بقيادة المقدم الشهيد إبراهيم عبدالتواب، باقتحام هذه النقطة والاستيلاء عليها.

وأكد أنور أنه عندما نجحت الكتيبة ٦٠٣ في اختراق "كبريت" بالمركبات البرمائية، ودخلت على محور "الجدي"، اشتبكت هناك مع العدو، ودمرت عددًا من مدرعاته ولأن قوات العدو كانت أكبر من الكتيبة من ناحية التسليح والعدد، أصدر قائد الجيش "الفريق عبدالمنعم واصل" أوامر بتعديل مهمة الكتيبة ٦٠٣، بالارتداد إلى رأس الكوبري عند الفرقة السابعة، موضحًا أن قائد الكتيبة رفض الاستسلام، وظل يقاتل مع كتيبته حتى 9أكتوبر في منطقة محور الجدي، وهو اليوم الذي صدرت فيه أوامر من قائد الجيش بأن تتقدم قوات "عبدالتواب" لمسافة ١٥ كيلو مترًا حتى السيطرة على كبريت، وبنهاية اليوم كان المراد قد تحقق.

وأشار أنور بعد وقف إطلاق النار كانت هناك محاولات من الجانب المصرى بفك الحصار عن الكتيبة في كبريت ولكن رفض اليهود الاعتراف بوجود قوات مصرية في "كبريت" وطالبوا بالانسحاب منها، فرفض البطل " إبراهيم عبدالتواب"، فعرض الإسرائيليون، انسحاب الكتيبة وترك أسلحتها، فرفضت القيادة العامة، في مقابل إمداد القوات الشرقية، وردت قوات العدو مقترحة على الكتيبة الانسحاب والعودة إلى وحدتها في الجنوب، وعرضت القيادة العامة الأمر على قائد الكتيبة إبراهيم عبدالتواب، فرفض مجددا العرض

كما عرضت القوات الإسرائيلية أن تنسحب الكتيبة 603 بكل أسلحتها، ويتم تكريمها فصمم عبد التواب على البقاء على الأرض، وكانت القيادة العامة في الجيش المصري تقدر بسالته وحكمه قراره فلم يراجعوه في قراراته".

وأكد أنور أن الحصار استمر لمدة ١١٤ يومًا، دون تراجع أو هوادة من الكتيبة ٦٠٣، وخلال هذه الفترة سقط أكثر من ٢٥٠ شهيدًا من أبطال الكتيبة على رأسهم القائد إبراهيم عبد التواب، أثناء غارة لقوات العدو في عصر ١٧ يناير ١٩٧٤ بينما كان يصلي وهذا زاد باقي الكتيبة إصرارا على موقفها بالصمود حتى آخر فرد فيها وبعد استشهاده بأيام قليلة، وافقت القوات الإسرائيلية على وصول الإمدادات إلى "كبريت" من خلال الأمم المتحدة.
الجريدة الرسمية