رئيس التحرير
عصام كامل

الشباب يصرخ: أروح لمين؟!


ربما منذ هزيمة يونيو 67 وحالة الإعلام المزيفة، وهناك حالة من عدم الثقة في كل ما هو رسمى، بالرغم أننا في حرب أكتوبر 73 حدث توازن إلى حد ما مع الإعلام الرسمى، إلا أننا ما زلنا نعانى من عدم الثقة في الحكومات المتعاقبة والدولة بشكل للأسف حتى لو التصريحات صحيحة..


أذكر في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، قام وزير الأوقاف في ذلك الوقت د.المحجوب على رأس وفد من العلماء بزيارات عديدة إلى المحافظات وخاصة الصعيد، أطلق عليها قوافل التوعية، والهدف تصحيح الأفكار المتطرفة المنحرفة لدى الشباب، وكنت أعرف د.عبد المهدى مصباح الأستاذ بالأزهر وأحد أعضاء قوافل الوزير، بعد صلاة الجمعة الذي كان هو خطيبها سألته عن جدوى هذه القوافل على الشباب؟ أجابني بعيدا عن المصلين ونحن في الطريق قائلا: لا فائدة لأن الرسالة لا تصل إلى الشباب المستهدف لسببين الأول أن الشباب يهرب من هذه اللقاءات ويحضرها من ليسوا المستهدفين وبعض الموظفين ولأن هناك شعورا بأن القافلة تمثل الحكومة والدولة وهى غير مصدقة عندهم!

الموقف الآخر، أثناء عضويتى للمجلس القومى للشباب مع د.صفى الدين خربوش عقد مؤتمر الشباب دورتين برعاية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وفى عرض البرنامج لم أوافق عليه، وبل لم أحضر المؤتمرين كنوع من الاحتجاج وعدم الاقتناع بدعوى أننى مشغول، البرنامج كان يتضمن استضافة الوزراء للحوار مع الشباب وبعض رجال الأعمال الذين كانوا يعتذرون دائما في اللحظات الأخيرة أثناء المؤتمر، بل كان يتم الاستعانة بعدد من مذيعى القناة الثقافية لإدارة هذه اللقاءات، وبالتالى كانت القناة الثقافية تهتم وتسجل اللقاءات..

كانت رؤيتى أن الشباب يجب أن يكون صاحب عقلية نقدية، لديه الحرية في الاختيار بعد أن يقدم له الآراء المتباينة، أما الدفع في اتجاه واحد يرفضه المتلقى، فكرتى كانت تعتمد على أنه لا مانع أن يكون الوزير أو مسئول ضيوفا ولكن لماذا لا يشاركه حزبيا من التجمع أو الوفد أو حتى من يملك رؤية معارضة ولا ينتمى لأى حزب؟.. لماذا لا يشارك رجال الأعمال من هم له رؤية ليست بالضرورة ضدهم ولكن تخالفهم في الأسلوب وأدوات التنفيذ!؟..

لم يؤخذ بفكرتى وكانت تأتينى من المؤتمر معلومات وتقارير خاصة مزعجة، منها أن هناك ترتيبات كانت تجرى خلف الستار مع الشباب لتحديد الأسئلة التي يتم توجيهها، أبلغنى هذا أحد المنوط لهم للقيام بهذا الدور وهو حاليا عضوا بارزا في جامعة عين شمس، وبالتالى كان الشباب لا يثق في كل ما يحدث، بالإضافة إلى أنه كان يسمع تصريحات على لسان الوزراء وردية وأرقام لا يعرفون مدى صحتها، وفرص عمل بالآلاف سيتم توفيرها من خلال رجال الأعمال!

وينفض المؤتمر ويكتب الإعلام ويتحدث الجميع عن النجاح الوهمى.

تذكرت هذه المواقف عندما شاهدت منصة قاعة المؤتمرات الكبرى في جامعة القاهرة ويتصدرها السيد وزير الأوقاف والسيد رئيس جامعة القاهرة والقاعة عن آخرها، وكما هو واضح رجال وزارة الأوقاف وهيئة تدريس الجامعة بالإضافة إلى طلبة الجامعة، ومع كل التقدير للنوايا الحسنة إلا أن النوايا فقط لا تحقق شيئا مطلقا، هذا اللقاء لا يسمن ولا يغنى من جوع، من هو المستهدف؟! 

الشباب!

إذن ليس هذا هو الانسب، أنهم يريدون أن يسمعوا صوتا لا يمثل الحكومة بل صوتا يشعرون أنه حر غير مكبل بمنصب أو كرسى يخشى عليه، حتى لو قال نفس الكلام، يريدون أن يسمعوا ويسألوا ثم يسألوا مرة أخرى لأن الإجابة لم تقنعهم، وهذا مستحيل أن يحدث وسط مئات وربما آلاف من البشر..

من هنا لا بد أن يكون الإعداد لا تتجاوز مائة وخمسين إلى مئتين، أكثر من هذا يصبح "مولد وصاحبه غائب"، لا بد أن يكون الحوارات قصيرة، وكلمات الضيف قصيرة، لأنه ثبت علميا وعن تجربة إذا أطال المتحدث عن خمس عشرة دقيقة فقد المتلقى تركيزه، اللقاء لا يزيد على ساعتين كاملا، أن يكون فعلا اللقاء يمس القضايا التي تشغل الشباب ومعها يمكن إضافة الرسائل التي أتمنى أن تصل إليه!

هل نحن جادون في إعداد الشباب الذي سيتحمل المسئولية غدا؟!

ما يحدث لا علاقة له بهذا، وأنه مجرد "شو" إعلامي لا قيمة له، جهد ضائع، أموال تهدر، وشباب حائر، لا يجد يد حقيقية تساعده، خاصة أن وزارة الشباب والرياضة أصبح حالها لا حول ولا قوة، بعد خمس سنوات من التخريب من الوزير السابق، الوزير الحالى يزور المحافظات وللأسف أنها مضللة ولن يعرف الحقائق لأن معروف النظام في مثل هذه الزيارات، الشباب حائر ولا يجد أحدا، مراكز الشباب لا تقدم شيئا الغريب أنها أصبحت وكأنها نادي كرة، مراكز الشباب هي مراكز توعية وتنمية بشرية والرياضة للجميع.. فهل نبدأ قبل فوات الأوان؟!
تحيا مصر..
الجريدة الرسمية