رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عالم صفقات!


بوضوح وبصراحة، قال الرئيس الأمريكي ترامب، بعد أن اعتبر ما أقدمت عليه السعودية في قضية خاشقجي خطوة جيدة، إنه سوف يحاول إقناع الكونجرس بعدم اتخاذ عقوبات ضد السعودية، تؤثر على صادرات السلاح الأمريكي إليها، وعلى تدفق الأموال السعودية لأمريكا التي تسهم في خلق عشرات الآلاف من فرص العمل للأمريكيين.. وقد أثار ذلك دهشة البعض الذين رأوا أن واشنطن تدير علاقاتها مع الدول كأنها تبرم صفقة أو مجموعة من الصفقات التجارية والاقتصادية، تبحث فيها عن أكبر المكاسب!


غير أنه ليس هناك ما يدعو للدهشة أو التعجب، فما جاهر به الرئيس الأمريكي ترامب علنا وبصراحة بالغة فعلته كل الإدارات الأمريكية التي سبقت إدارته، لكنها كانت تغلف ذلك بادعاءات تتعلق بالقيم والأخلاق والمبادئ الطيبة.. أو بالأصح كانت تخفي ذلك بحلو الحديث، والتظاهر بأن أمريكا تسعى إلى تحقيق العدالة، وتنشد السلام في العالم، وتحمي حقوق الإنسان فيه، وتدعم نشر الديمقراطية بين شعوبه ودوله.

وهذه الإدارات الأمريكية السابقة كانت تفعل ذلك، ليس فقط للتغرير بغير الأمريكيين، وحفاظا على دور أمريكا وصورتها بين شعوب العالم كنصير للسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، إنما للتغرير بالأمريكيين العاديين ليقبلوا ما تدبره بلادهم من مؤامرات، وما تقوم به من أعمال تضعها تحت طائلة القانون الدولي.

مثل التحالف مع المافيا في إيطاليا لتضمن فوز الحزب الديمقراطي المسيحي في نهاية الأربعينيات، أو مثل استخدام الدين في محاربة الاتحاد السوفيتي في الخمسينيات، أو مثل استخدام المتطرفين والإرهابيين منذ السبعينيات حتى الآن لتحقيق مصالحها في العالم، بدءا من أفغانستان، حتى سوريا وليبيا.. وعندما أرادت أمريكا غزو العراق قالت إنها تقوم بذلك لتخلصهم من الديكتاتورية، لتقنع الأمريكيين العاديين بقبول هذه الحرب.

لكن ترامب يتصرف بطريقة مختلفة، لأنه يعبر عن قطاع من الأمريكيين، هم الذين منحوه أصواتهم في انتخابات الرئاسة الأمريكية.. هؤلاء يرغبون فيما يفعله ترامب، وليس ما كان يفعله من سبقوه في الرئاسة.. لأنهم يعرفون أن عالمنا هو عالم صفقات!
Advertisements
الجريدة الرسمية