رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دفن «خاشقجي» في كفن من المليارات


أثبتت الحملة الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية، في قضية اختفاء أو مقتل الإخوانجي، السعودي المعارض "جمال خاشقجي"، التي أطلقتها المخابرات التركية واقترن بها صراخ صحيفة الواشنطن بوست ذات الصلات العميقة مع البيت الأبيض والدولة العميقة في واشنطن، أقول أثبتت أن الاقتصاد القوي درع يطوع المواقف، ويعدل العقول، ويخفف الشطط وأن عملته رائجة ومقبولة فورا من جانب تاجر ومقاول بزنس بدرجة رئيس جمهورية أقوى وأندل دولة في العالم!


وحين ترصد مؤشرات التهديد، تعلو في أنقرة، وفي البيت الأبيض، والواشنطن بوست وهو ليس من كتابها الأصليين سيدهشك التلون والتذبذب وشغل الحواة، تهديدات بعقوبات قاسية ضد المملكة أطلقها ترامب لو ثبت أنها متورطة في قتل مواطن سعودي على أرض تركيا، بعد يومين تراجع ترامب وقال إن معاقبة السعودية عقاب لأمريكا ذاتها ولو منعنا عن الرياض مبيعات السلاح، نكون حرمنا شركاتنا ووظائف للعاطلين بمائة وعشرة مليارات دولار.

المبلغ الأخير هو جزء من الـ٤٠٠ مليار دولار التي حصل عليها المقاول الدولي في آخر زياراته للرياض وفتح المزاد مع قطر والكويت.. من يدفع أكثر!

طبعا كان ترامب، أي الورقة الرابحة، وهذه ترجمة اسمه، ابتز السعودية ودولا في الخليج بأن ادفع أو تسقط عروشكم، وأن إيران يمكن أن تجتاح السعودية خلال ١٢ يوما.

أوراق الرد السعودية، غير النفط والتهديد بحبسه ليبلغ سعر البرميل مائتي دولار، طرحها كاتب وإعلامي سعودي هو تركي الدخيل، قال إنه اطلع على أفكار تدور في الأروقة الرسمية، من بينها التصالح مع إيران ذاتها وحزب الله وحماس، والاتجاه إلى الصين وروسيا لمبيعات السلاح، فضلا عن السماح للروس بإقامة قاعدة روسية عسكرية في تبوك!

مثل هذا الكلام لو كان فعلا مما يدور ويفور في دوائر القرار لا يعني سوى أن العداء مع إيران مصلحة أمريكية تمتثل لها الشقيقة السعودية، وهذا لا أحسبه مما يجوز أو يعقله عاقل، المشكلة مع إيران ترجع إلى ثورة أمام الدم والإرهاب آية الله الخوميني ورغبة الملالي والآيات في تصدير الثورة الإرهابية والتشيع إلى دول الخليج وتأليب النسيج الشيعي السني المتعايش فيها، بعضه ضد بعض.

وفيما يبدو فإن الاتصالات بين العاهل السعودية وترامب جعلت الأخير يعلن للإعلام الأمريكي أنه يصدق رواية الملك سلمان وولي العهد أنه لا علم لهما بواقعة اختفاء أو مقتل خاشقجي، وأن الملك أمر بإجراء تحقيق قضائي داخلي، الإعلام الأمريكي يوصم ترامب أنه رجل قابل للاستهواء، وينزع بطبيعته للتصديق، مثلما صدق رواية بوتين حول انعدام الدور الروسي في التأثير على الانتخابات الأمريكية، وقضية تسميم جاسوس روسي بريطاني مزدوج يدعى سكريبال في لندن.

تمضي قضية اختفاء جمال خاشقجي أو مقتله إلى تفاهمات ثلاثية مشتركة مدفوعة المصالح والأثمان، فاللجان المخابراتية والأمنية والطب الشرعي من كل من الرياض وأنقرة وأمريكا التي أمضت تسع ساعات وبحثت ونقبت وقلبت أرجاء القنصلية السعودية في إسطنبول، لن تكون سوى الحلقة الأولى في عشرات الحلقات المتضاعفة، تمارس فيها واشنطن وأنقرة ضغوطا لاستحلاب الخزينة السعودية..

وفي كل الأحوال ربما تحط أوراق الملف وشهادة (وفاة) خاشقجي على رصيف محطة لوكيربي، تسوية ضخمة لإغلاق الملف وإعادة دفن الجثة التي قتلها مارقون.. قتلة خارج السيطرة، حل نهائي وجده ترامب.. الابتزاز فن له ناسه ورؤساؤه!
Advertisements
الجريدة الرسمية