رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم سياسة وزير أم وزارة!


لماذا يصدق الناس كلام الدكتور طارق شوقي وسياسته الجديدة لتطوير التعليم؟ وقد سبقة إحدى عشر وزيرا، كل منهم جاء للوزارة ووضع سياسة أو إستراتيجية أو تطوير، وكل منهم فعل ما يفعله الآن طارق شوقي من مؤتمرات ومعارك مع الإعلام وأولياء الأمور، لدرجة أن الوزير الأسبق أحمد فتحي سرور قال في مستهل عمله جئت للوزارة لأضع سياسة ثابتة للتعليم لا تتغير بتغير الوزير..


وعندما رحل جاء الدكتور حسين كامل بهاء الذي وضع إستراتيجية أطلق عليها التعليم أمن مصر القومي، وأعاد الصف السادس الابتدائي الذي ألغاه سلفه الدكتور سرور، ورحل الدكتور بهاء وجاء بعده عدة وزراء وقال كل منهم الكلام نفسه، لدرجة أن كلا من فتحي محمد علي، ومنصور حسين وزيرا التعليم العالي والتعليم وضع كل منهما خطة للتطوير لكنهما رحلا قبل أن يجف مداد الحبر الذي كتبت به الإستراتيجية..

ويكفي أن دولة بحجم مصر ظلت تعاني لنصف قرن من الزمان في الإبقاء أو الاستمرار على الصف السادس الابتدائي والثانوية العامة حتى الآن لم يتم الاستقرار على أي شيء، رغم حماس الوزير طارق شوقي لنظامه الجديد الذي ينتظر أن يؤتي نتائجه بعد ١٦ عاما من الآن..

ومن المؤكد أن الوزير لن يستمر طوال هذه السنوات ليحرس نظامه ويدافع عنه، لأن الرجل كسابقيه أعطى إحساسا أن الإستراتيجية الجديدة مشروع شخصي أكثر منه مشروع وطن، ثم ظل يلمح أنه مسنود لدرجة قوله في أحد التصريحات إن النظام سيطبق سواء قبل البعض أو رفض، مما خلق جبهة رفض قبل أن يبدأ خاصة أنه خلق جبهات مضادة أكثر من خلق جبهات مؤيدة، ثم راح الرجل يتهم أولياء الأمور وهم الطرف الأهم والفاعل لإنجاح أي تغيير في النظام التعليمي..

وهكذا على عكس ما يظن البعض أن مشكلات التعليم تتمثل في المناهج والمدارس والدروس الخصوصية، لكن الحقيقة أن المشكلة الرئيسيّة للتعليم في مصر في إدارة التعليم نفسه، لأن التعليم في هذا البلد ليست سياسة وزارة أو دولة لكنها للأسف سياسة وزير تتغير بتغير الوزارة كما أسلفنا..

ولهذا لا يصدق الناس وأولياء الأمور الدكتور طارق شوقي من منطلق حكاية راعي الغنم الذي ظل يكذب على أهل قريتة ويستغيث بهم من الذئب، وفِي كل مرة كانوا يصدقونه حتى إذا ما جاء الذئب بجد لم يصدقه من أهل القرية لسابق خبرتهم مع الراعي أو الوزير والوزارة، وتلك هي المشكلة..

أصبحت وزارة التربية والتعليم محاميا فاشلا لقضية عادلة، بمعنى أن في القضية الراهنة يحدثنا الوزير عن هدم النظام القديم بعد أن استنفد أغراضه، ثم يحدثنا عن الدور العاشر في مبنى التعليم الجديد وهو لم يضع الأساسات للدور الأول، أي إنه لم يضع البنية الأساسية الصلبة ليبني عليها، وعندما يتحدث الناس عن الكثافات ونقص الفصول وتدهور أحوال المدارس والمدرسين يغضب الوزير ويذهب فورا للمؤامرة والمتأمرين..

رغم أن الرجل نفسه هو الذي افتتح عملية التغيير بقوله وصلنا لمرحلة زي العمارة القديمة عاوزين نهدها ونبنيها من جديد، وفِي المثل الذي ضربه الوزير في كلامه فإنها يحتاج لمقاولي هدم، فلماذا يغضب حين يشرع البعض في تنفيذ ما بشر به؟!

أرجو ألا يطمئن الوزير كثيرا للذين يهللون له فهم يفعلون مع الوزير مثلما فعلوا مع الطالب محمود رابع الثانوية العامة وأمه بائعة الأنابيب- والفخر لها وبها وكفاح ست الحبايب- لكن الأمر المؤكد أن محمود سيواجه واقعا في منتهى القسوة ومن المهللين نفسهم له الآن، لأنهم سيرفضون تعيينه في سلم القضاء والسلك الدبلوماسي والشرطة ربما لسبب التهليل نفسه.
الجريدة الرسمية