رئيس التحرير
عصام كامل

هل يفعلها «صالح وعبد المهدي» في العراق؟


أخيرا وبعد طول انتظار، كسر البرلمان العراقي الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بانتخابه السياسي الكردي الدكتور "برهم صالح" رئيسا للبلاد لمدة 4 سنوات مقبلة، وتكليف السياسي المخضرم "عادل عبد المهدي" رئيسا للوزراء، وسط آمال من الشعب العراقي، أن يكسر الرجلان طول المرار الذي تجرعه الشعب على مدار ما يزيد على الـ30 عاما، نتيجة للحروب، وحصار، وغزو، والإرهاب، والخلافات المذهبية والسياسية، التي أدت إلى تدهور الأحوال بشكل بشع، في البلد المصنف الأول في تصدير النفط في العالم.


ويعول العراقيون كثيرًا على كل من "صالح وعبد المهدي" في تحسين المناخ السياسي في البلاد، خاصة في ظل نظام "المحاصصة" الذي وضعه "الأمريكان" الذي أدى إلى زرع فتيل الصراع المذهبي والعرقي والسياسي، واتخم الساحة بعشرات القوى السياسية والمذهبية، التي تمتلك جميعها المال والقوة العسكرية، وأدت صراعاتها إلى الاستحواذ على السلطة، إلى تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد على مدار السنوات الماضية.

وهو ما تستطيع أن تلمسه بسهولة من مجرد الإقامة ليوم واحد في أي من المدن العراقية، حيث تكاليف الحياة المعيشية المرتفعة للغاية، والحالة المتردية للخدمات الأساسية خاصة الكهرباء والمياه، والظروف الأمنية التي ما زالت تسبب قلقا لجميع العراقيين.

ولعل التاريخ العلمي والسياسي لكل من "صالح وعبد المهدي" هو ما جعل الأغلبية العظمى من العراقيين يأملون خيرًا في قدرتهما على لم شمل كل الطوائف على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم، للعمل على وضع قواعد سياسية جديدة تمحي التوجه والنعرة الطائفية، وتدفع بالبلاد سياسيا واقتصاديا إلى الأمام، من خلال طرح دستور جديد، يتيح للكفاءات من أبناء الشعب العراقي تصدر المشهد وإدارة البلاد، دون النظر إلى الدين أو المذهب أو العرق.

ويمتلك الرئيس العراقي الجديد تاريخا علميا وسياسيا واجتماعيا يؤهله بالفعل للعب دور فاعل في مستقبل العراق في السنوات المقبلة، حيث حصل على شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة كارديف البريطانية، ودرجة الدكتوراه في الإحصاء والتطبيقات الهندسية في الكمبيوتر من جامعة ليفربول بإنجلترا، وأسس الجامعة الأمريكية في السليمانية، وشغل منصب رئيس مجلس أمنائها..

كما أن له نشاطات ثقافية واجتماعية كبيرة، جعلته على علاقة طيبة بكل الطوائف والمذاهب في البلاد، خاصة من خلال "الملتقى العراقي" الذي يشغل رئيس مجلس أمنائه أيضا، الذي يضم في عضويته العشرات من الشخصيات المرموقة من مختلف المذاهب والأطياف، ويحوي بين طياته منظمة "واعدون" ومشروع "هيوا" لدعم الطلبة المتميزين في الجامعات العراقية.

كما أن التاريخ السياسي لـ"برهام صالح" ودخوله إلى هذا المعترك في سن مبكرة، جعل منه سياسيا مخضرما قادرا على التعامل بشكل طيب مع الجميع، حيث انضم إلى صفوف "حزب الاتحاد الكردستاني الكردي" الذي يعد أكبر الأحزاب الكردية مع نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وأصبح عضوا في تنظيمات "الاتحاد الوطني الكردستاني" بأوروبا، ثم مسئولا في مكتب العلاقات الخارجية في العاصمة البريطانية، انتخب عضوا في قيادة الاتحاد في أول مؤتمر للحزب سنة 1992، وكُلف بمهمة إدارة مكتب الاتحاد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لعب دورا رئيسيا في التعريف بقضية الأكراد.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن، هل يستطيع "برهام صالح" بما يمتلكه من تاريخ علمي وسياسي واجتماعي، بالتعاون مع رئيس الوزراء الجديد "عادل عبد المهدي" الذي يمتلك أيضا تاريخا علميا وسياسيا بارزا، وحظي بدعم هائل من أكبر الكتل البرلمانية العراقية الشيعية للفوز برئاسة الوزراء، على اغتنام الفرصة الذهبية وما يمتلكانه من تاريخ وعلاقات، في كتابه تاريخ سياسي جديد للبلاد، ينهي نعرة الطائفية، ويعود بالاقتصاد العراقي إلى سابق عهده، بعد أن قضت النزاعات على قطاعي "الزراعة والصناعة" بشكل كامل، وصل الحال بالبلد المصنف "الأول" في إنتاج النفط في العالم إلى أن أصبح مستوردا لكل شيء، حتى "وقود السيارات" وأصبح عاجزا حتى عن تلبية أقل الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
الجريدة الرسمية