رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» في جولة ميدانية داخل حقل ظهر.. «من البحر للأرض» كيف تتم عمليات معالجة الغاز؟.. وسر الإنتاج مبكرا بعد 28 شهرا من الكشف.. وأبطال المشروع يكشفون ساعات التعب لتحقيق أمل مصر في ا

فيتو

في سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة البترول عن ارتفاع الإنتاج اليومي لحقل غاز ظهر العملاق بمنطقة امتياز شروق بالمياه العميقة بالبحر المتوسط، ليصل نحو ملياري قدم مكعب غاز يوميا، أعقبه إعلان المهندس طارق الملا، وزير البترول في أكتوبر الجاري، عن وقف استيراد الغاز من الخارج عقب ارتفاع الإنتاج اليومي من جميع الحقول إلى 6.6 مليارات قدم مكعب غاز.


وكان لحقل ظهر فضل كبير في تحقيق هذه الطفرة، حيث يمثل إنتاجه من 20 إلى 25% من الإنتاج الكلي للغاز في مصر.

لم يكن اكتشاف حقل ظهر العملاق وليد اللحظة بل نتاج جهود متميزة، تكاملت فيها الأدوار بين قيادة سياسية تدرك بفهم كامل احتياجات الحاضر وتستشرف المستقبل، وأبرزت أهمية الكشف ودوره في تحسين طفرة إنتاجية، وقطاع إنتاجي ممثلا في وزارة البترول وشركائها الأجانب الحريصين على ضخ استثمارات كبيرة في عمليات البحث والتنقيب.

ولأن العالم ما زال يتحدث عن حقل ظهر - الذي يقع على مسافة 190 كيلو مترا من سواحل مدينة بورسعيد، وفي أعماق تصل إلى 4100 متر تحت سطح البحر بمنطقة امتياز شروق البحرية، واحتياطياته المقدرة بنحو 30 تريليون قدم مكعب -، أجرت «فيتو» جولة ميدانية داخل محطة معالجة غاز الحقل بمنطقة الجميل ببورسعيد، للتعرف على مراحل إنتاج المشروع وما يتم من أعمال وإنجازات، وكذلك كيف دخل حقل ظهر الإنتاج في زمن قياسي لا يتجاوز 28 شهرا من تاريخ إعلان الكشف.

بداية الجولة

في بداية الجولة، كان اللقاء مع مسئولي الأمن الصناعي، حيث شرحوا كيفية تجنب المخاطر أثناء العمل داخل محطة المعالجة، وإجراءات حماية العاملين، مثل: ارتداء القناعات، وأجهزة قياس نسبة الغازات السامة والشوائب الحمضية تجنبًا المخاطر.

وخلال الجولة كشف المهندس مصطفى عريفة، المدير العام لمشروع حقل ظهر، مساعد رئيس شركة بتروبل لشئون العمليات، أن عدد ساعات العمل منذ بداية المشروع بلغت نحو ٦٥ مليون ساعة عمل، كما أن بداية الإنتاج في ٢٠١٧ كان رقما قياسيا جديدا، يدرس في جميع مناطق العمل البترولي حول العالم؛ لأن توقعات الخبراء كانت تشير وفقا للخطط الفنية إلى أن الإنتاج لن يبدأ قبل 2023.

مراحل تطور الإنتاج

وأشار المدير العام لمشروع حقل ظهر إلى أنه تم التعجيل بالإنتاج بعد 28 شهرا من الكشف، حيث كانت البداية في منتصف ديسمبر 2017، بمعدل مبدئي بلغ 350 مليون قدم مكعب غاز يوميا، وبدأ الضخ الفعلي للغاز من الآبار البحرية للحقل إلى المحطة البرية الجديدة بمنطقة الجميل ببورسعيد لمعالجته وضخه في الشبكة القومية للغازات، بعد نجاح اختبارات التشغيل الفنية لوحدات المعالجة وخطوط نقل الغاز.

وأوضح أنه في نهاية أبريل 2018 بدأ التشغيل التجريبي للوحدة الثانية بطاقة استيعابية قصوى تصل إلى 400 مليون قدم مكعب غاز يوميا، ليصل إجمالي الطاقة الاستيعابية بعد الوحدتين الأولى والثانية نحو 800 مليون قدم مكعب يوميا.

أما الوحدة الثالثة، أشار المدير العام للمشروع إلى أنها بدأت بطاقة 400 مليون قدم مكعب يوميا، ليصل الإجمالي بعد تشغيل الثلاث وحدات إلى 1.2 مليار قدم مكعب يوميا قبل منتصف مايو 2018، مع بلوغ الإنتاج الفعلي من الحقل 1.1 مليار قدم مكعب غاز يوميا.

ولفت إلى أنه في 15 يوليو 2018 تم تشغيل الوحدة الرابعة من محطة معالجة الغازات بمشروع ظهر لرفع الطاقة الاستيعابية للمحطة إلى ملياري قدم مكعب يوميا، بعد ارتفاع الإنتاج الفعلي للحقل من 1.750 مليار قدم مكعب في أغسطس 2018 إلى أن وصل لـملياري قدم مكعب يوميا في الأسبوع الأول من سبتمبر الماضي.

أسرار العمل داخل المشروع

وأوضح أنه تم عمل 8 خطوط بحرية لنقل الغاز من آبار الحقل بطول 1000 كيلو متر إلى محطة المعالجة البرية بمنطقة الجميل ببورسعيد، حيث بلغ حجم الخرسانات التي تم استخدامها منذ بدء المشروع نحو 850 ألف متر مكعب، و24 ألف طن حديد لحمل خطوط الغاز، ورفع 3 ملايين متر مكعب تربة طينية لبناء المعدات العمل في الموقع، وزرع ١٤ ألف خازوق خرساني ٨٠ سم في ٦٠ مترًا أسفل سطح التربة، ومد ١٣٥٠ كيلو متر كابلات، فضلا عن وجود 4 مولدات كهرباء تصل قدرة الواحدة نحو 13 ميجاوات.

وأشار المدير العام لحقل ظهر، إلى أنه تم إقامة منصة بحرية وزنت نحو ٥ آلاف طن، تم تصنعيها في ١١ شهرا داخل ورش شركة بتروجت لنقل المعدات من البر إلى البحر، على بعد ١٩٠ كيلو مترا، وعلى أعماق تصل إلى 4100 متر تحت سطح البحر.

ولفت إلى أنه منذ انطلاق المشروع وخلال فترة الإنشاء كان يعمل به نحو ١٥ ألف عامل، وتم توقيع نحو ١٥٠٠ عقد خاص، كما تم شحن ٤ آلاف شحنة معدات من ١٠٠ مطار حول العالم.

طريقة نقل الغاز من البحر إلى محطة المعالجة

وأوضح المهندس مصطفى عريفة، المدير العام للمشروع، أنه بعد نقل الغاز من الآبار البحرية بالحقل على عمق 1500 متر، وبطول 220 كيلو مترا، يتم استقباله عبر مصائد تجميع الآبار، وبعدها يتم تحويله إلى وحدات فصل المتكثفات المصاحبة للغاز، ثم نقله إلى وحدات المعالجة لنزع كبريتيد الهيدروجين من الغاز، وتوزيعه إلى الشبكة القومية طبقا للمواصفات الصالحة للاستخدام المحلي.

وبدوره كشف المهندس محمد السقا، مشرف العمليات البحرية والبرية بحقل ظهر، عن وجود غرفة تحكم رئيسية تنقسم إلى ثلاث وحدات، مهمة الأولى التحكم في الآبار البحرية بالحقل عند نقل الغاز من البحر إلى الأرض، وإدخال متغيرات وتفاعلات كيميائية على الآبار، بجانب حقنها خلال عمليات النقل، وتزويد كميات إنتاج الآبار -إذا استدعى الأمر-.

كيفية المعالجة

أما الوحدة الثانية - وفقا لمشرف العمليات- فهي الخاصة بالخدمات التي تمد وحدات المعالجة بعمليات البخار والنتروجين وبصمامات تحكم عند المعالجة، والثالثة والأهم وهي مرحلة المعالجة، وتنقسم إلى 4 شاشات تحكم تقوم بفصل الغاز عن كبرتيد الهيدروجين، ثم معالجة المتكثفات التي تشتق من الغاز مرة أخرى للتخلص من الشوائب الحمضية والخطرة، التي تسبب تلف وتآكل الخطوط، من خلال تفاعلات كيميائية ومنها محلول "أمين"، الذي ينزع كبريتيد الهيدروجين من الغاز أثناء المعالجة حتى يصبح الغاز جاهزا للاستخدام.

وأوضح السقا، أنه يتم الاستفادة من الكبريت في عمليات الصناعة بعد تجميده وتحويله إلى سائل، ومنها إلى جزئيات ولا يتم حرقه؛ لأن ذلك مخالفا لقوانين حماية البيئة، نظرا لخطورته الشديدة.

وقال مشرف العمليات البحرية والبرية بحقل ظهر، إن محطة المعالجة مكونة حاليا من 5 وحدات، تصل طاقة كل واحدة من 350 إلى 400 مليون قدم مكعب غاز يوميا، بإجمالي يصل إلى ملياري قدم مكعب، وجار إنشاء 3 وحدات أخرى بحسب المخطط المتفق عليه.

مستقبل حقل ظهر

وتخطط وزارة البترول مع الشريك الأجنبي زيادة إنتاج حقل ظهر خلال 2019 إلى 2.7 مليار قدم مكعب غاز يوميا، وبطاقة قصوى تصل إلى 2.950 مليار قدم مكعب، عقب الانتهاء من حفر 12 بئرا على أعماق تصل إلى 1500 متر من سطح البحر.

وينتج حقل ظهر متكثفات بكميات تتراوح من 3000 إلى 4000 برميل يوميا، التي يتم استخدامها في عمليات تكرير الزيت الخام الثقيل لتحسين جودته وأبرزها رفع درجة الأوكتان، بالإضافة إلى إنتاج 20 طن كبريت، تستخدم في أغراض الصناعة مثل الشامبو وغيرها.
الجريدة الرسمية