رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة النقل والصفقة المشبوهة.. لماذا عادت!؟


يبدو أن وزارة النقل قد عشش فيها الفساد، لدرجة لم يعد أحد يحاول الإصلاح، كان المفكر الكبير الدكتور عبدالعزيز حمودة يقول إن الفساد في مصر أصبح نظاما يقاوم أي إصلاح! هذه المقولة قالها رحمة الله عليه منذ أكثر من ثمانية عشر عاما، فيا ترى لو أنه موجود بيننا الآن ماذا كان سيقول!؟


الذي ذكرنى بهذه المقولة ما يحدث تحت سمع وعين الجميع، نعود للوراء قليلا، في عام 2015 عندما أعلن عن صفقة قطارات مجرية جديدة، وكان الوزير على ما أذكر المهندس هانى ضاحى، الذي صرح يومها أن الثمن سيسدد قرضا، وبالرغم من الزفة الإعلامية للخبر إلا أننى رفضت هذه الصفقة وكتبت أنها تحمل الأجيال القادمة عبئا بلا أي سبب مقنع، وبدلا من هذه الصفقة والقرض اصلحوا إدارة السكك الحديدية..

ولكن عندما تولى الدكتور سعد الجيوشى مسئولية الوزارة فوجئت بإلغاء الصفقة، وهنا كتبت متسائلا: الصفقة المفترضة تم الموافقة عليها من الحكومة وليس الوزير فقط، وهذا يعنى أن الوزارة قامت بدراسة الصفقة جيدا فكيف يتم الموافقة عليها ثم يتم اليوم الإلغاء؟.. على الحكومة أن تعلن أن للموافقة أسبابا وأيضا نعرف أسباب الإلغاء على الأقل يشعر المواطن بالثقة في حكومته، ولا يعيب الحكومة التراجع في حالة اكتشاف أي خطأ، بل هذا يعزز الثقة بأنها قادرة على المراجعة وتصحيح الخطأ! وأذكر هنا تصريحا للدكتور سعد الجيوشى وزير النقل وقتها أنه لا يستطيع تحميل الأجيال القادمة عبء سداد قرض هذه الصفقة!

تمر الأيام سريعا ويعلن الوزير هشام عرفات عن صفقة 1300 عربة قطار من المجر وروسيا- للعلم المجر لا تصنع ولكنها تعمل بالنسبة مع روسيا وهذا مؤشر لارتفاع الأسعار بالإضافة لفائدة القرض- قيمة الصفقة مليار ونصف المليار دولار، هنا نسأل لماذا عادت الصفقة المشبوهة مرة أخرى!؟ ولماذا الإصرار عليها!؟ وأطرح سؤالا أين العرض الذي قدمته سفيرة لاتفيا التي عرضت نقل المصانع كاملة بما فيها أسرارها الفنية إلى مصر!؟ هذا التساؤال عن الدكتور سعد الزنط الرجل الوطنى الداعم دائما للدولة المصرية والسيسي في كل قراراته.

هذا ليس فقط كل الحقيقة ولكن اتضح أن إلغاء الصفقة من الدكتور سعد الجيوشى كانت السبب في تغييره، وتولى الدكتور جلال مصطفى السعيد الوزارة، ولكن في مفاجأة غير عادية تغير سريعا بالرغم من أنه صاحب خبرة فهو تخصصه وسبق تولى الوزارة في وقت سابق، ولا أدرى هل إزاحة الدكتور جلال السعيد أيضا لنفس السبب أم لا.!؟

ولكن جاء الوزير عرفات لينفذ الصفقة المشبوهة، ونسأل يا ترى من يحاسب من الآن!؟ هل هناك مجلس شعب قادر على المحاسبة التي تجبر الحكومة على التصحيح وتقديم الأسباب المقنعة لهذا القرض الذي يتناقض مع تعليمات الرئيس السيسي للوزير نفسه عندما قال له: لا قروض إلا في أضيق الحدود والمضطرين لها!

ولكن وزير النقل الذي كان يصرخ بأن تذكرة المترو ستحل مشكلات الدنيا، ولكن أصبح المترو يحتاج حسب تصريحات الوزير أكثر من مليار يورو.. والقطار الطائر مليار ومائتين مليون دولار، وشراء عربات القطارات مليار ونصف المليار دولار، وطبعا هذه المليارات تضع فوائد عليها مليارات فوائد، وبالتالى تزيد على الأقل 40% من قيمتها يعنى الأجيال القادمة لازم تدفع دم قلبها!

إلى أين ذاهبة بنا الحكومات المتعاقبة !؟ نرى جهدا لرئيس الدولة مع العالم نلمسه جميعا، ويحاول أن يقوم بأدوار ليست من صميم مسئولياته، خاصة لو لدينا رئيس وزراء له الرؤية والقدرة على اقتحام عالم الاستثمار العالمى، رئيس وزراء لا يكتفى بتلقى مجرد التعليمات من الرئيس، والحقيقة هذا الأمر ليس جديدا، وقد كتبت في نفس المكان منذ سنوات متى سيصبح لدينا رئيس للوزراء وليس مكتب سكرتارية للرئيس!؟

وكتبت يومها أيضا إن الرئيس واقصد أي رئيس سيكون أسعد الناس لو توفر لديه رئيس الوزراء القوى المبدع المبادر الذي يقدم الحلول غير التقليدية للمشكلات المزمنة، حلولا تقضى على جذور المشكلة وليس مجرد مسكن للألم، وتأجيل الحل الجذرى والمراهنة على الوقت والناس بتنسى، وكما قال أديب نوبل نجيب محفوظ : أفة حارتنا النسيان!
أكيد لا يقصد الحارة ولكنه يقصد مصر.
هل سيتحرك أحد من أجل مراجعة الصفقات المشبوهة!؟ وتحيا مصر!

الجريدة الرسمية