رئيس التحرير
عصام كامل

كيف يتوقف نزيف العقول!؟


الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي قبل توليه منصبه الحالي كان مسئولا عن برنامج الطريق إلى نوبل في المركز القومي للبحوث، وكانت مهمته المساعدة في إعداد واكتشاف شباب باحثين وعلماء يحصلون على جائزة نوبل، وهو مهموم بعلماء مصر في الداخل والخارج وكيفية الاستفادة منهم، ومهموم أكثر بظاهرة هجرة العقول، ويرى أنه يجب تناولها على أساس علمى بعيدا عن العاطفة ودغدغة مشاعر البسطاء.


الدكتور صقر يطرح مجموعة من الأسئلة تبحث عن إجابات مثل:
١- ما الأسباب الفعلية لهجرة العقول المصرية حاليا؟
لا نتسرع في الإجابة بأن نقص الموارد وغياب البيئة المشجعة والبيروقراطية و....هي السبب الرئيسى، وإذا كان ذلك كذلك فلماذا تكتظ مؤسسات التعليم العالى والبحث في دول الخليج بالخبراء والعلماء من أمريكا وأوروبا و...؟ أليست لديهم بيئة مشجعة؟

٢- ليس في مصلحة أحد إجراء المقارنات بين علماء الداخل والخارج؟ وماذا أعطي كل فريق لمصر؟

٣- مصر في حاجة لكل أبنائها في الداخل والخارج والبقاء أو السفر هو قرار شخصى لكل إنسان حسب حساباته الخاصة، ومن الأفضل أن نركز على مبادرات لربط علماء الداخل بالخارج، وهذا ما تسعى الدولة إليه من خلال مبادرات مثل مصر تستطيع (وزارة الهجرة) وجسور التنمية (أكاديمية البحث العلمى).

نريد تعظيم الاستفادة من علماء المهجر بطريقة علمية محترمة، ولننظر إلى تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.. بعض علماء المهجر في بعض الدول يخدمون في جيوش بلادهم خلال إجازتهم الصيفية، وبعض علماء المهجر يقدم منحا لشباب بلده وبعضهم يعقد لقاءات تليفزيونية مع برامج التوك شو وبعضهم يعمل في صمت ولا نعرفه وبعضهم...

نرحب بكل عالم مصرى في المهجر يريد أن ينقل تكنولوجيا أو يطور أو يحل مشكلة ضاغطة، ونحن سنوفر له البيئة والتمويل. نريد من كل عالم مصرى في الخارج أن يوفر منحة ماجستير أو دكتوراه لشاب مصرى متفوق؟

تخيلوا لو ساعدونا في توفير ٥٠٠ منحة سنويا لأوائل الجامعات المصرية؟ هذا سيخفف عن كاهل الدولة مليار جنيه سنويا.. نتمنى، كفاية ١٠٠ منحة.. عموما الموضوع يستحق النقاش وهناك العشرات من النماذج المشرفة في الداخل..

كانت هذه أسئلة د محمود صقر والموضوع الذي يطرحه غاية في الأهمية، لأنه يتفق مع ما قاله لي الدكتور سمير تكلا شيخ المصريين في بريطانيا أن الشباب الباحثين المتميزين الذين يأتون إلى لندن لاستكمال دراساتهم لا يعودون إلى مصر، وهي ظاهرة لفت نظره إليها عالم إنجليزي كبير، وليست بريطانيا فقط، وإنما هناك دراسة مؤلمة كانت أجرتها جمعية "عصر العلم" بالاشتراك مع أكاديمية البحث العلمي تؤكد أن معظم المبعوثين في الخارج لا يعودون إلى مصر..

أيضا المتفوقون من الجامعات يهاجرون بمجرد حصولهم على شهادة التجنيد، كما أن لدينا 30 ألف طالب يستكملون دراساتهم الجامعية في أوروبا وأمريكا أمنيات معظمهم الحصول على جنسيات أجنبية وعدم العودة.

العقول والنوابغ المصرية المهاجرة للخارج غالبا ما تستقر هناك وتحصل على جنسيات أجنبية ولا تعود إلا في ارزل العمر أو للدفن في مقابرنا.

مصر يجب أن تكون قبلة العرب والعالم في جذب العلماء والعقول المتميزة فليس معقولا أن تكون قبلة لأهل الفن والطرب والرقص من الدول العربية والأجنبية ثم تترك خيرة أبنائها بعد تعليمهم وتقدمهم هدية مجانية لدول أصبحت كلها عواجيز..

الرئيس السيسي أعلن في بداية ولايته الثانية بناء الإنسان أولوياته من خلال التعليم والصحة واستمرار نزيف العقول سوف يُفرغ مؤسساتنا من الكفاءات، يجب معرفة أسباب هذا النزيف هل المشكلة في الدولة نفسها التي لا تعرف كيف تستفيد من نوابغها؟ أم في القيادات الضعيفة التي تقتل المبدعين تحتها وتستبعدهم حفاظا على كراسيها؟ ام هي أنانية وضعف انتماء لدى الشباب والعلماء أنفسهم في السعي وراء مصلحتهم فقط دون اعتبار لمصلحة البلد؟..

الموضوع يحتاج اهتمام الرئيس شخصيا حتى تتحرك كل الأجهزة قبل فوات الأوان ويصبح كل قيادتنا وعلمائنا من أنصاف المواهب، واختتم المقال بهذا الخبر السار من جامعة المنصورة التي قامت بتعيين اثنين من أفضل علماء العالم كأساتذة شرفيين بكلية الطب وهما الدكتور كريم أبوالمجد أستاذ زراعة الأعضاء بكليفلاند والدكتور أسامة حمدى أستاذ علاج السكر بهارفارد وهما من خريج طب المنصورة وهذا يحقق حلم رئيس أكاديمية البحث العلمي في الاستفادة من العقول المصرية في الخارج.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية