رئيس التحرير
عصام كامل

سد النهضة بين عمالة الإخوان وتعاون الجيران (1)


كالعادة ينكشف كل يوم خداع وكذب وعمالة الإخوان الإرهابيين، ولم يعد الأمر يثير التعجب والاستهجان، وهذه المرة ظهر جليا حجم كذب وخداع الجماعة الإرهابية عندما بشرت مصر بأنها ستدخل عصر المجاعة والفقر المائي مع بناء سد النهضة، وروجوا إلى أن الرئيس السيسي لم يفلح في وقف بناء السد.. الخ، رغم أن الحقيقة الدامغة تؤكد أن السبب الرئيس في بناء السد الجماعة الإرهابية وقت حكمهم البغيض لمصر بأول جاسوس مدني منتخب. 


فبعد أن زار مرسي إثيوبيا في مايو 2013 وعقد لقاء مع رئيس وزراء إثيوبيا وقتها هايلي ماريام ديسالن، ظهر من خلاله عدم ممانعته لبناء السد، وبعد أن غادر إثيوبيا بيوم واحد أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها ستبدأ في تحويل مجرى أحد روافد نهر النيل، وهو النيل الأزرق، إيذانا ببداية العملية الفعلية لبناء سد النهضة!

وقد أكد بعض المتابعين للشأن الإخواني وقتها أن مرسي وجماعته قد اتفقوا سريا مع إثيوبيا على أن يقيموا سد النهضة في مقابل مبلغ مالي بالدولار، وأن يقوم مرسي بترتيب الأوضاع في مصر بحيث لا تستطيع أن تقاوم بناء السد، وذلك بأن يقيم مؤتمرا حول آثار سد النهضة، وخلال مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه مرسي في قصر الاتحادية قيادات سياسية موالية لجماعته قال مجدي حسين رئيس حزب العمل الجديد وقتها: "علينا أن نقسم على ألا يجري الإفصاح عما يدور في هذا الاجتماع لوسائل الإعلام"، وذلك قبل أن ينبهه أحد الجالسين بجواره إلى أن الاجتماع يبث على الهواء مباشرة فتضج القاعة بالضحك.

أما أيمن نور رئيس حزب غد الثورة والعميل الإخواني الذي كان متخفيا في ثوب المعارض، فقال خلال اللقاء "موقف السودان أقل بكثير جدا مما كان ينبغي"، وأردف "لا بد أن نسرب معلومات أن مصر تسعى لشراء نوع معين من الطائرات. هذا الضغط حتى لو لم يكن واقعيا سيوصل إلى حل على المسار الدبلوماسي".

وتلا يونس مخيون رئيس حزب النور ملخصا لموقف الحزب من هذه الأزمة، والذي تضمن مقترحات "بدعم جبهة تحرير أورومو وجبهة تحرير أوغادين" كورقة ضغط على الحكومة الإثيوبية. وكذلك "الاستعانة بالمخابرات لهدم أي سد يقام إذا كان فيه خطورة محققة على مصر".

وبالتالي فقد ذكر الحاضرون أي رد من الممكن لمصر أن تتخذه سريا، لكن بهذا المؤتمر - الذي تم إذاعته وفي حركة كرتونية في نهاية المؤتمر يكتشف الحاضرون وعلى رأسهم مرسي رئيس الدولة أن المؤتمر مذاع على الهواء !! كأن الإذاعة على الهواء من القصر الجمهوري أمر بسيط لا تراقبه مئات الجهات الأمنية وغيرها، واعتذرت الدكتورة باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس للشئون السياسية وقتها عبر صفحتها على فيس بوك عن "الحرج غير المقصود"!! الذي سببته إذاعة الحوار الوطني بمؤسسة الرئاسة بشأن سد النهضة الإثيوبي على الهواء مباشرة.

وقال محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية وقتها الذي حضر هذا اللقاء: "كان من الواضح منذ اللحظة الأولى وجود الكاميرات وبالتالي فالاجتماع مسجل أو مذاع على الهواء" – استطاع مرسي وجماعته الذين رتبوا هذه الخديعة أن يغلوا يد مصر ضد بناء إثيوبيا للسد، فلن تستطيع مصر أن تفعل شيئا، فإن قاومت بناء السد عسكريا بصورة سرية فسوف تثبت إثيوبيا أن مصر قررت ذلك من خلال ذلك اللقاء المذاع، ومهما حاولت مصر فلن تستطيع شيئا بعد ذلك الاجتماع المقصود والكوميدي.

والملاحظ أن إثيوبيا لم تتقدم بأي شكوى بعد هذا الاجتماع للأمم المتحدة ولو من باب إثبات الحالة؛ لأنهم كانوا متفقين مع مرسي وجماعته على ذلك، فجاء الاجتماع بمثابة إشارة الانطلاق لبناء السد، ولم يتساءل أحد عن سر سعادة إثيوبيا بهذا الاجتماع الذي جاء به أفكار قوية وتحريضية ضد إثيوبيا !

ثم بعد إزاحة الشعب للجماعة الإرهابية وضع الحمل على عاتق الرئيس السيسي لرفع أضرار بناء السد عن مصر، فاتخذ سبيل المفاوض الحاذق الذي يقدر احتياج إثيوبيا للتطور والكهرباء، كما يقدر احتياج مصر لنقطة المياه، فكان توقيع وثيقة إعلان المبادئ لسد "النهضة" الإثيوبي، حيث وقع رئيس مصر عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا وقتها هايلى ماريام ديسالين خلال قمتهم في الخرطوم على تلك الوثيقة التي تؤكد على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية وبدأت المفاوضات.
وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية