رئيس التحرير
عصام كامل

الفرقة الناجية.. واغتيال الأنبا أبيفانيوس


بعد مرور نحو شهر من اغتيال الأنبا أبيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار وما تلاه من تداعيات في محيط البحث عن القتلة ثم الإعلان عنهم، وما دار ولا يزال على وسائل التواصل الاجتماعي من شدٍ وجذب بين صفحات تدَّعي حِماية الإيمان وبين بعض المُفكرين من جهة، ونقد هذه الصفحات لقرارات قداسة البابا تواضروس الثانى الإصلاحية من جهة أخرى؛ محاولة واهية منهم للدفاع عن تيارهم المُتطرف، ومعروف من ورائهم ومن يديرهم ومن يدفع لهم ومن ينصبهم على رأس لجان باسم العقيدة.


ففي وسط هذه الأحداث تبادر إلى ذهني المقارنة بين تاريخ "الفرقة الناجية" وبين هؤلاء الذين يدَّعون حماية الإيمان، ويتخذون أسماءً مختلفة لصفحات فيس بوكية وأحد المواقع المسيحية والتي تدار من الخارج بأيدى داخلية مضمونها مهاجمة قداسة البابا تواضروس الثاني وبعض الأساقفة وبعض الخدام والعلمانيين.

ومن يتابع هذا الشأن ويتابع ما كتب على هذه الصفحات منذ سنوات يجد اتهامات باطلة وصريحة منهم بأن الأنبا أبيفانيوس كان منحرف عن الإيمان وكان مهرطقا، بل هذه الاتهامات وجهت أيضا لآخرين لدرجة أن وصلت بهم الجرأة بأن يضعوا أسماء وصورا بعينها من ضمنهم "الأنبا أبيفانيوس" وأسماء على درجة كبيرة من المعرفة والعلم والرتبة الكنسية في جدول وأطلقوا عليهم أنهم مهرطقين، وتم نشرها على صفحاتهم التي تدعي بأنهم حماة الإيمان.

وأوجه هنا السؤال إلى القارئ: من وراء هذه الجرأة؟ ومن يُنفق على هذه الصفحات؟ بل أطرح طرحا آخر: ما الهدف من تجنيد هذه المجموعات والصفحات؟ ما الهدف من ضرب الكنيسة الوطنية؟ والتي يعتبر أمنها من أمن مصر القومي؟!.

فتاريخ الكنيسة شاهد على إنها مُساندة لمصر عبر الكبوات التي مرت بها بداية من العصور الأولى وحتى اللحظة التي اكتب فيها مقالي هذا، لصالح من ضرب عمود أساسي من أعمدة 30 يونيو متمثلة في قداسة البابا تواضروس الثانى، هل هذه محاولة من محاولات الجماعة الإرهابية بطريق غير مباشر، محاولة منهم لتفتيت مؤسسة وطنية تساند الوطن؟ مُتخذين شعارات الفرقة الناجية وأنهم حماة إيمان. 

وأذكرك عزيزي القارئ بالفرقة الناجية، إنهم فرقة تدعي أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وهدفهم سياسي سلطوي، ويتخذون شعارات دينية لتوظيف هدف سياسي ويكفّرون كل من يختلف مع آرائهم، بل وهدفهم تأجيج الفتنة، ويخضعون لمعايير وضعوها لأنفسهم ولا يخضعون لمعنى النص الديني السليم.

بل وأنا أعقد هذه المقارنة أتذكر ممارسات الجماعة الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو، تلك الثورة التي قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمعاونة الشعب والجيش والشرطة والأزهر والكنيسة؛ لتخليص مصر من جماعة إرهابية أرادت تفتيت أرض مصر مُتخذة شعارات الفرقة الناجية، وعندما وَجَدَتْ هذه الفرقة الإرهابية أنها في طريقها إلى الزوال لجأت إلى اغتيال بعض القيادات الوطنية، لا سيما بعد فض اعتصام رابعة؛ لأنهم استنفذوا كل آلياتهم.

وعندما يستنفذ العدو آلياته ويضعف يلجأ إلى الدم والقتل واغتيال بعض الشخصيات التي تمثل رموزا وطنية مخلصة، ولكن هيهات فمصر قوية وقائمة برئيسها وشعبها وكل مؤسساتها الوطنية، ولما كانت محاولات هذه الجماعة قد باءت بالفشل في تفتيت وطن فسوف تفشل أيضا محاولاتهم الواهية غير المباشرة والضعيفة في اختراق الكنيسة المصرية الوطنية عن طريق مجموعات تدعى العلم والإيمان والحق الديني، وهي لا تمتلك أية مؤهلات لذلك حتى مؤهلات البحث الديني، ولا يمتلكون لغة الكتاب المقدس الأصلية.

وفى حياتهم لم يتطرقوا إلى آليات التأويل والتفسير والشرح الذي يعتمد على أساليب علمية تُدرَّس في جامعات العالم، فهم فرقة تدعى أنها ناجية مُتخذين معايير لأنفسهم بعيدة كل البعد عن المفاهيم المسيحية الأصيلة، بل المفاهيم الإنسانية بوجه عام، وأقول أن أمن مصر من أمن مؤسساتها الوطنية، وما رأيناه من مجهود مضنى من جهات التحقيق وحرصهم على تقديم الجاني للعدالة، بل حرص قداسة البابا تواضروس الثانى على توجيه رسالة مضمونها "أنه لا تستر على أحد مهما كان".. وهى رسالة هامة وقوية إلى هذه الفرق التي تدّعى أنها ناجية وتدعى أنها حماة إيمان. وللحديث بقية. 
الجريدة الرسمية