رئيس التحرير
عصام كامل

أفكار «سكلانس» لتطوير العمل الحكومي!


لا بأس أن تفكر الحكومة في تطوير العمل في قطاعاتها المختلفة، ولكن إن لم يكن التفكير بأسلوب علمى وله رؤية يصبح كما يسخر البسطاء من أهلنا فإنه يصبح تطوير "سكلانس"، شاهدت لقاء في إحدى القنوات الخاصة تحدث فيه مقدم المشروع واثنان من أساتذة الاقتصاد د.فخرى الفقى، ود.ممدوح إسماعيل وعضو مجلس النواب الذي أعد مشروع التطوير.


المشروع المقدم من عدة مقترحات، الأول إلغاء إجازة السبت ويكون العمل ثلاثة أيام لنصف القوة من العاملين والباقى في الثلاثة أيام الأخرى، مع الالتزام بعدد ساعات العمل التي ينص عليها القانون 35 ساعة أسبوعيا.. أي العمل سيكون 12 ساعة يوميا!

لك أن تتخيل العمل لمدة 12 ساعة في اليوم وكيف سيكون عليها الموظف المستيقظ في السادسة صباحا على الأقل ليعمل 12 ساعة!

التصور الثانى: العمل ثلاثة أيام للعاملين جميعا ويكون العمل 12 ساعة ويكون الإجازة ثلاث أيام بالإضافة إلى يوم الجمعة، والعمل من 8 إلى 8 وتخيل صديقى القارئ حالة الموظفين وتخيل معى العلاقة بين المواطن والموظف في هذه الظروف!

التصور الثالث: أن يكون العمل أربعة أيام والإجازة يومين بالإضافة إلى يوم الجمعة، وأيضا مع الالتزام أيضا بعدد ساعات العمل 35 ساعة أسبوعيا أي العمل من الثامنة حتى الخامسة! لاتعليق!

التصور الرابع أن يتم تقسيم العاملين إلى نصفين الأول من الثامنة صباحا حتى الثانية، والثاني من الثانية عشرة إلى السادسة مساء!

أما التصور الأخير هو الحضور المرن كما أطلق عليه، بحيث يأتى البعض في الثامنة وآخرون التاسعة والبعض العاشرة.. إلخ ويكون الانصراف بنفس الترتيب! أي سمك.. لبن.. تمر هندى!

وحتى لا نظلم أصحاب هذه الأفكار العبقرية لأنهم يؤكدون أنه لن تمس مرتبات أو استحقاقات للموظف سواء مادية أو ترقيات أو خلافه، والحقيقة التي حيرتنى ما هو الهدف أو الرؤية من هذه الأفكار!؟.. لو صدقنا تبريراتهم، ربما نسقط من الضحك على الأرض، يؤكدون أنه سيساهم في رفع مستوى الأداء الوظيفي.. كيف!؟

هل الموظف الذي أساسا يعمل عدة ساعات في اليوم سيكون أداؤه عندما يزيد وقت الدوام من 6 ساعات كمتوسط إلى ثمانية أو اثنتى عشرة ساعة!؟.. كيف لموظف تعود على الهروب بعد عدة ساعات سيرتفع الأداء عندما يتم مد الوقت لعدة ساعات أخرى!؟ يقولون إن الأيام التي سيحصل عليها في أي تصور من المقدمة ستوفر له الوقت للبحث عن عمل لزيادة دخله وهذه فائدة كبرى.. ويتجاهلون أو جاهلون ما هو العمل الذي سيجده الموظف الحكومى ثلاثة أيام أسبوعيا!؟

بل كيف سيجد هذا العمل لدينا أكثر من 13% بطالة بين الشباب!؟ والتبرير الطريف أن هذا سيساهم في حل مشكلة الزحام في الشوارع، ولا أدرى عندما نفرغ الشوارع ونحبس الموظفين حتى الخامسة وهو المقترح بأربعة أيام في الأسبوع، من سيسير في الشارع!؟.. الزحام عادى ولكنه يزداد مع ذهاب وعودة الموظفين، وبالتالى ما سيحدث سيزيد الزحام لأنك لن تجبر القطاع الخاص على مواعيدك أنت، بالإضافة إلى المدارس والجامعات لن نستطيع إجبارها لطبيعة العمل فيها ومجالات أخرى، وبالتالى يزداد الزحام ولن يقل!

هناك صورة أخرى ربما تكون غائبة عن البعض، الأم العاملة، الأم التي لديها أطفالا للرضاعة، الأم التي تعول أبناءها وهى الأم والأب في ذات الوقت، العاملة حديثة الزواج والحاجة للعودة لبيتها وهى من أصعب الفترات التي تمر بها الزيجات الحديثة!؟ ماذا سيفعلن؟!

رؤيتى الشخصية أن هناك قرارا من الحكومة بجعل العمل أربعة أيام فقط مع زيادة الوقت الذي سيمضيه الموظف من ساعة إلى ساعتين وقضى الأمر، وحتى يتم تمرير هذا القرار كان لابد من وضعه مع مجموعة مقترحات استحالة تنفيذها، ويكون الاختيار للأقل سوء وطبعا مع التبريرات والمديح ممن تعتمد عليهم الحكومة، يتم تمرير التطوير الوهمى، لأنه لن يساهم في رفع مستوى الأداء، ولن يحل مشكلة البطالة، ولن يساهم في حل مشكلة المرور، ولن يجعل المواطن يجد وقتا لعمل إضافي يساعده على ارتفاع الأسعار..

ولكن ربما يقلل جزءا من التكلفة اليومية الحكومية، ولكنه سيخلق مشكلات عدة، منها داخل الأسرة والأبناء والدروس..إلخ، سيخلق مشكلات حكومية مع القطاع الخاص المرتبط معه في عمل، سيخلق مشكلات بضغط العمل في أربعة أيام بدلا من خمسة!

مما سبق نجد أن الحكومة تتمنى أن ترشد الإنفاق بتقليل أيام العمل ولكنها عاجزة عن تقديم رؤية بدراسة علمية تحقق الهدف، كما أنها تتجاهل أنها في الوقت التي تريد تقليل هذا الإنفاق، تجدها كانت قاسية في رفع الأسعار على نفس المواطن، وزيادة دخول الوزراء وأعضاء مجلس النواب! 

وليتها قدمت أفكارا معتبرة ولكنها للأسف أفكار "سكلانس"!...

الجريدة الرسمية