رئيس التحرير
عصام كامل

الاقتراض من الخارج وسياسته !


في تصريحات صحفية أمس قال محافظ البنك المركزى "طارق عامر" إنه انتهج سياسة اعتبرها ناجحة لزيادة احتياطيات البنك من النقد الأجنبى، وهو الاقتراض من الخارج عبر طرح سندات خزانة دولارية وباليورو، لتحقيق ذلك.. وأشار "عامر" إلى أنه استغل استعداد السوق العالمى من قبل، ليحصل على قروض بنسبة فائدة تبلغ ٧% رفع بها احتياطيات النقد الأجنبى، ليكون متاحا لنا نقد أجنبي في أي وقت نريد، مشيرا إلى أن السوق العالمى لا يتوفر له هذا الاستعداد الآن، وهو ما اعتبره نجاحا لسياسات البنك المركزى الذي لم يكترث لتوصية بعض البنوك في الخارج، بتأجيل طرح سندات الخزانة بالنقد الأجنبى، أي الاقتراض من الخارج.


وما قاله محافظ البنك المركزى يحتاج لنقاش موضوعى.. فإن ثمة قاعدة اقتصادية شهيرة تقول إن الاقتراض من الخارج الناجح يكون لتمويل مشروعات تحقق ربحا منه يتم سداد أقساط وفوائد هذا الدين، وهو أمر ينطبق بجلاء على اتفاق القرض الروسى الذي أبرمنا اتفاقه لتمويل أول محطة نووية مصرية لإنتاج الكهرباء، فإن أقساط هذا القرض سوف يتم سدادها من عوائد هذه المحطة وبعد أن تبدأ في الإنتاج للكهرباء..

وها هو محافظ البنك المركزى ينتهج قاعدة أخرى، وهى الاقتراض من الخارج عندما تكون شروط هذا الاقتراض مناسبة في السوق العالمى، وذلك لدعم وزيادة احتياطي النقد الأجنبى، التي تعد من قبيل المدخرات الضرورية التي يمكن استخدامها وقت الحاجة، وهذا أمر جديد اقتصاديا يستحق نقاشا موضوعيا، خاصة وأن محافظ البنك المركزى قال إنه كان في مقدورنا الاحتفاظ برقم أقل بكثير من احتياطيات النقد الأجنبى، يبلغ نحو ثلاثين مليار دولار، ولكنه آثر زيادة هذه الاحتياطات حتى تجاوزت ٤٤ مليار دولار الآن..

فضلا عن أننا نتحمّل أعباء لهذا الاقتراض، وإن كان عامر يراها أقل تكلفة من تعرضنا لنقص في موارد النقد الأجنبى، وهو ما عانينا منه خلال سنوات مضت وبشدة، عندما عجزنا عن تحويل مستحقات شركات البترول الأجنبية، فقامت بتخفيض إنتاجها من الغاز لنتعرض لأزمة في المواد البترولية والكهرباء أيضا، ومثلما عجزنا عن تحويل مستحقات شركات الطيران الأجنبية فانسحبت بعضها من مصر.

لكننا أيضا نحتاج للسيطرة على افتراضنا من الخارج، حتى لا تتزايد ديوننا الخارجية كما هو حادث بالفعل، حيث بلغت نسبة هذه الديون نحو ثلث الناتج القومى، كما أن هناك نسبة من الديون قصيرة الأجل تتجاوز ربع  هذه الديون، وهو ما سيجعلنا نتحمّل أعباء لا تقل عن عشرة مليارات دولار سنويا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وهكذا بالنقاش الموضوعى بين خبراء الاقتصاد الحقيقيين، يمكننا أن نحقق الأمان الاقتصادى لبلادنا.
الجريدة الرسمية