رئيس التحرير
عصام كامل

هل يفعلها بوتين ؟!


انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية العديد من التكهنات حول ما دار في القمة الروسية – الأمريكية عبر لقاء بوتين – ترامب في هلسنكى العاصمة الفنلندية، والتي أعلن في أعقابها مباشرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هذه المباحثات مثلت الخطوة الأولى في "إزالة الأنقاض" عن العلاقات بين البلدين، والتي تضمنت رؤية البلدين لحل النزاعات في العالم، ومن بينها الأزمة السورية، والخطوات الواجب اتخاذها للتوصل إلى حلول سلمية لهذه الأزمة، والتي يقف فيها البلدان على النقيض. 


ففى الوقت الذي قامت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بتدبير المؤامرة وإشعال النيران بالداخل السورى، قامت روسيا بدعم ومعاونة سوريا من أجل تفكيك المؤامرة وإطفاء النيران المشتعلة، وهو ما نجحت فيه إلى حد كبير ويشهد على ذلك الانتصارات المتتالية التي حققها وما زال يحققها الجيش العربي السوري، واستعادة السيطرة على كامل الجغرافيا السورية.

ومن جانبه أعرب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن الاجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يعد "نجاح كبير"، حيث كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا في أسوأ حالاتها قبل اللقاء مع بوتين لكنها تحسنت كثيرا بفضل هذه القمة، وكتب ترامب أيضا في تغريدة على حسابه على تويتر: "في حين كان اجتماعى مع قادة الناتو عظيما، حيث زادت الأموال بكميات هائلة، كان لدى اجتماع أفضل مع الرئيس فلاديمير بوتين، وللأسف لا يجري تغطية الأحداث بهذا الشكل، الإعلام الكاذب يفقد صوابه". 

وتبرز تصريحات ترامب حجم الغضب داخل المؤسسة السياسية والإعلامية الأمريكية من اللقاء الذي يمثل هزيمة للمشروع الأمريكي الأحادي القطب، حيث يعد اللقاء خطوة أولية لاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بأن العالم يتشكل من جديد وفق نظرية الأقطاب المتعددة التي أكد عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من مرة، وأن روسيا قد أصبحت بالفعل قطب جديد على الساحة الدولية، ولا يمكن حل النزاعات في العالم بمعزل عنها.

وما يهمنا في لقاء بوتين– ترامب ما تحدثوا فيه عن سورية وبالطبع تلك المحادثات التي استغرقت أربع ساعات كاملة لا يمكن اختزالها في الدقائق المعدودة التي يستغرقها المؤتمر الصحفى الذي يعقب اللقاء، ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما دار في الكواليس، فالمعلن في اللقاءات السياسية يكون أقل بكثير من المخفى والمسكوت عنه، وهو ما يترك الفرصة للتسريبات والتكهنات والتحليلات التي تتم من الجانبين كل على حسب مصالحه، وما يعنينا بأهم التسريبات التي دارت حول سورية هو الموقف الصلب للرئيس فلاديمير بوتين.

حيث أكد للرئيس الأمريكى ترامب أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا ببقاء الرئيس الأسد رئيسا لسوريا وقائدا أعلى للجيش العربي السورى، هذا إلى جانب عدم المساس بالجيش العربي السورى، وعدم المساس بالوحدة الوطنية السورية القائمة على التنوع والتي تشكل نسيجا اجتماعيا متماسكا عبر التاريخ، وعدم المساس بالتراب الوطنى السورى وعدم قبول أي وجود خارجى عليه سواء كان من دول أو من جماعات إرهابية تعمل لدى دول، والمسموح به فقط هو إجراء تعديلات دستورية لمزيد من الحرية للمواطنين السوريين.

ولم يعترض ترامب على مقترحات بوتين لحل الأزمة السورية بل رحب بها ووجدها فرصة ذهبية للخروج من المستنقع الذي غرقت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، ونال من سمعتها الدولية بعد فشل مخططها على الأرض السورية، حيث وجد ترامب في مقترحات بوتين آلية جديدة تحفظ ماء وجه الولايات المتحدة الأمريكية كقوى عظمى في العالم، حيث أعادها بوتين لطاولة المفاوضات المستبعدة منها وبذلك يجعلها شريكا في الحل، وبالتالى ينفى عنها تهمة المؤامرة وأنها الأصيل في هذه الحرب الكونية على سوريا.

وبالطبع هذه النتيجة لا ترضي حلفاء أمريكا في الحرب على سوريا سواء كان الحليف الصهيونى الذي يسيطر على بعض مراكز صنع القرار السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة لذلك جاءت ردود الأفعال سلبية على قمة بوتين – ترامب وهو ما أوضحه ترامب في تصريحاته وتغريداته عقب اللقاء، أو حلفائه الذين مولوا الحرب على سورية ودفعوا فيها مبالغ طائلة سواء للأصيل الأمريكى أو الوكيل الإرهابى.

وعقب اللقاء أكدت تسريبات أخرى عن أتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السورى بشار الأسد على البدء في حملة جادة لإعادة اللاجئين السوريين الذين نزحوا بسبب الحرب، حيث أعطى الرئيس بوتين أوامره إلى 11 سفارة روسية للبدء في إحصاء اللاجئين السوريين وتنفيذ خطة لعودتهم إلى سورية، وتقدر الإحصاءات المبدئية عددهم بنحو 8 ملايين لاجئ، وقرر بوتين تكليف قيادة الجيش الروسي بمساعدة السفارات في عملية الإحصاء وتحضير الطائرات اللازمة لنقل اللاجئين السوريين إلى سوريا خلال ستة أشهر. 

وخلال تلك الفترة سيتم ترميم ما يقرب من 6 ملايين منزل سورى بها بعض الإصابات البسيطة، بينما هناك 500 ألف منزل مدمرة بالكامل ستجبر روسيا الدول التي مولت الحرب على سورية بدفع مبلغ 35 مليار دولار لإعادة البناء والإعمار.

ولم يكتف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بذلك بل تؤكد بعض التسريبات أنه قد أبلغ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأنه سيوجه أكبر ضربات جوية بالصواريخ والقنابل لعواصم الدول التي مولت الحرب على سورية إن لم تدفع التعويضات السابقة لإعادة الإعمار في سوريا، هذا إلى جانب 41 مليار دولار حجم خسائر روسيا في هذه الحرب وهى تكلفة تفكيك المؤامرة، حيث يوجد تحت أيدي الدولة السورية 63 ألف تكفيرى سيتم نقلهم إلى روسيا حيث ستقوم المخابرات الروسية بالتحقيق معهم لمعرفة قصة المؤامرة التي جرت في سورية والكشف عن المموليين الحقيقيين لها حتى تتم محاسباتهم. 

ويقال إن الرئيس بوتين خرج متجهما من اجتماع ضمه مع قائد الجيش الروسي وقادة أسلحة الجو والبحرية والبر والمشاة والمدرعات وقال لن نسامح المتورطين في هذه المؤامرة فالمال وحده لا يكفى للتعويض، وأكد السيد بوسكوف مدير مكتب الرئيس الروسي أن الرئيس بوتين لم يعتد المزح في مثل هذه الأمور، لذلك نقول هل يفعلها بوتين ؟! ننتظر الأيام لتثبت لنا مدى صدق هذه التسريبات والتكهنات والتحليلات، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية