رئيس التحرير
عصام كامل

روشتة المواطن للتعامل مع الإصلاح الاقتصادي


طلب الرئيس من الناس التفاؤل وعدم الإحباط، ولكن الحقيقة هي أنه من الصعب أن تقنع المواطن المصري بأن يتفائل في وسط ظروف معيشية صعبة، ومن الصعب أيضًا أن يرى المواطن ارتفاع الأسعار نتيجة تحرير سعر الصرف تارة، ورفع الدعم عن الطاقة بشكل جزئي وارتفاع سعر البنزين، وارتفاع أسعار الخدمات كالكهرباء والماء تارة أخرى ثم تطلب منه أن يتفائل.


أحد الإعلاميين المعروفين بالطنطنة سأل المصريين عبر برنامجه عن سعر الأمن الذي يتمتعون به، في مطالبة منه بالصبر. القاعدة العامة من الشعب المصري لا تفهم كيف سيؤدي ارتفاع الأسعار بشكل عام كنتيجة لارتفاع سعر البنزين مثلا، وارتفاع أسعار الخدمات والطاقة إلى تحسن الوضع الاقتصادي.

تحرير سعر الصرف أدى إلى زيادة احتياطي النقد الأجنبي ورفع الدعم بشكل تدريجي عن أسعار الطاقة أدى إلى تحسين وضع مصر أمام المؤسسات المالية العالمية، المفروض أن يؤدي تحرير سعر الصرف إلى زيادة الاستثمار في مصر بما يفتح فرص عمل جديدة.

برنامج الإصلاح الاقتصادي يرتكز على 3 محاور رئيسة متمثلة في تحقيق استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي، وإصلاحات هيكلية في مجالات الصناعة وبيئة الاستثمار والتصدير، وفي برامج اجتماعية بحيث تكون أكثر كفاءة لحماية الطبقات الأكثر فقرًا، ومع ذلك لا يشعر المواطن بمزيد من الصعوبة بما يؤدي إلى الإحباط وفقدان الأمل، ربما تسير الحكومة في برنامج محدد، لكن المواطن لم يشعر بعد بالإصلاح الاقتصادي وهو لا يرى تحسنا في دخله وفي مستوى معيشته.

المواطن يرغب في تحسن الخدمات بدون زيادة في الأسعار، وهو أمر غير ممكن وغير وارد حدوثه، فهناك تحسن في الكهرباء بعد أن كانت يتم قطعها بالساعات، ولكن في المقابل زادت أسعار الكهرباء - دعم قطاعات عريضة في الدولة يثقل كاهل الموازنة كالتعليم، والصحة.

الدواء الوحيد حتى يمكن للمواطن أن يحرص عليه في مواجهة تأثير الإصلاح الاقتصادي هو أن يغير من أسلوب حياته، فمن المؤكد أن كثيرا من المواطنين اضطروا إلى مزيد من التقنين في احتياجاتهم نتيجة لارتفاع الأسعار.
بعض مظاهر الحياة ظلت كما هي رغم ارتفاع الأسعار، فالمفروض أن يقل عدد السيارات في الشوارع نتيجة لارتفاع البنزين، لكن القاهرة تكتظ بالسيارات كما هي.

ودعوني أضرب مثالا بدولة كندا، فعامة المواطنين هناك لا يعتمدون على السيارات الخاصة نتيجة لارتفاع أسعار البنزين، ولكنهم يعتمدون على المواصلات العامة، وهم في المقابل يحصلون على خدمة متميزة ربما هي الأفضل في أمريكا الشمالية، الحكومة هناك تحفز المواطنين على التكافل، حيث يسمح للسيارة الخاصة التي تقل أربعة ركاب بالسير في طريق سريع مخصص للاتوبيسات فقط، معظم البيوت هناك تحتوى على أجهزة تكييف، ومع ذلك لا يستخدمها الكنديون إلا في الضرورة لارتفاع أسعار الكهرباء.

من الضروري في هذه المرحلة أن يعدل المواطن من أسلوب حياته بشكل يتناسب مع دخله، المواطن سيتفائل عندما يرى تحسنا في دخله، وثباتا في الأسعار، وقدرة على تحقيق المزيد لأسرته، الإحباط شعور يلازم الإنسان عندما يجد أنه غير قادر على تحقيق ما يصبوا إليه غبر السنوات.

التفاؤل والنظرة الإيجابية أمر مهم وضروري في الحياة، وهما مهمين للحفاظ على الطاقة الإيجابية في الإنسان، ولكن على الدولة أن تفهم أن المواطن ليس روبوتا، فالمواطن لا يملك زرًّا للتفاؤل وزرًّا لتخفيف شعوره بالإحباط، وعلى الإعلام أن يتوقف عن طريقة عبد المنعم مدبولي أو "دكتور خشبة" في معالجة شعور المواطن بالإحباط، فتكرار الموطن لقوله "أنا مش محبط، أنا متفائل" لن يزيل إحباطه ولن يمنحه التفاؤل.
الجريدة الرسمية