رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزير للتكذيب!


اقترح على الحكومة التي يرأسها المهندس مصطفى مدبولي، أن تعين وزيرا في أقرب تعديل وزاري اسمه وزير التكذيب، ووزارته اسمها وزارة التكذيب. 
نحتاج إلى ذلك فعلا في غياب وزير للإعلام ووزارة للإعلام وغيبوبة أجهزة إعلامية بديلة تعاني السبات وهي على مكاتبها.


والذي يتابع صفحات الثرثرة الاجتماعية يوميا، وكلنا تقريبا صرنا رهائن هذه الثرثرات، تسرق وقتنا وعقولنا وأعمارنا، سوف يذهله الكم الهائل من الأكاذيب اللا معقولة. 
شيء ما خاص بهذا العالم الوهمي اللامحدود يتيح للكاذب أن يفحش في كذبه وللخيالي أن يسافر في المساحات بين الكواكب والمجرات، ولا مانع أبدا أن يدخل في ثقب أسود من ثقوب شفط الكواكب وإزالتها من الوجود!

إحساس الكاذب أنه حر طليق، يمنحه رخصة الاستهانة بعقل من يقرأ ى وأنت في الحقيقة حتى لوكنت من المثقفين والمتابعين لن تملك أن تمنع ظهور سطور أمامك تخبرك أن نهر النيل جف تماما في السابعة مساء أول أمس، رغم أنك كنت على كورنيش النيل قبل قراءة هذا الغثاء بساعة!

من بيض بلاستيك فيه جبس وجيلي وصفار ولاكيه ومادة لاصقة، صناعة الصين، إلى أرز صيني بلاستيكي أيضا، إلى مادة مضافة إلى الخبز تسبب العقم أو تضعف الرجال بقرار من وزير التموين، فضلا عن شائعات تسميم مياه، حريق في قطار، حريق في كنيسة، حريق في جامعة.

وآخر الأكاذيب الأمس، ولعل عشرات ومئات ولدت على صفحات الثرثرة الاجتماعية قبل أن تقرأوا هذه السطور، هي تعطل المجرى الملاحي لقناة السويس، وكلنا نتذكر كيف أعلنت محطة فضائية عربية، خبر توقف الملاحة الجوية بمطار القاهرة، بعد انفجارين تبين أنهما خارج المطار تماما، في شركة بتروكيماويات، لكن ماكينة ضخ الأكاذيب وجدتها فرصة سانحة والتقطت الخبر الكاذب من على الشاشة وبثته فالتقطه السذج والمتعجلون بل وشيره إعلاميون!

يوجد إذن من يكذب عمدا ووفق خطة ولأهداف محددة تصب في الهدف الأكبر النهائي هو زعزعة ثقة الناس في الدولة وإخراجهم من بيوتهم غضبا وسخطا لتكرار جريمة الخامس والعشرين من يناير قبل سبع سنوات.

المجال المحدد لنشر الأكاذيب، هو اللانهاية، بمعني أنه الفضاء الإلكتروني، وحتى مع مراقبة صفحات للمتطرفين والمحرضين، فإن استمرار ظهور الشائعات وكثافة هذا الظهور وتكراريته، يعني أنه بات خارج سيطرة الأجهزة المعنية.

بالطبع يوجد ألف شخص يسخرون من قدرة الصين أو أي مخلوق على صنع وطهي بيضة بلاستيك وأرز بلاستيك، وجمبري بلاستيك أو دود، لكن في مقابل الألف سوف يردد الآلاف من مدمنى فيس بوك ما نزل على رؤوسهم، ولم تستقبله عقولهم، بل مر عليها مرورا خاطفا.

تبدو الحكومة في تكذيبها يوما بعد الآخر لما يقال عنها صادرا من ماكينة الإرهاب الإخواني وعملاء أمريكا وقطر وتركيا، كالصبي الذي يلازم خط الملعب الأبيض، أو خلف شبكة حارس المرمي، يهرول خلف الكرة كلما خرجت عن مستطيل الملعب، يردها أو يلقي بغيرها.

وفي الآونة الأخيرة بدا كأن الشائعات صارت إلى سيول مغرقة، حتى ليتساءل المرء هل تتفرغ الحكومة للرد أم تتفرغ للعمل؟
أخطر ما يترتب على الشائعة إن كانت محبوكة وقوية وفيها جزء كبير من الحقيقة أنها تجعل صاحب القرار رهينة لردود الفعل التي يخشى وقوعها، وأخطر ما في هذا اللون الخبيث من الأكاذيب التي فيها جنين من الحقيقة، أنها تنتشر بسرعة وتختار جنودها وأعوانها وشياطينها. من أجل هذا يصبح منصب وزير التكذيب ضرورة وطنية، لأنه سيقوم طول الوقت بالإعلام الحقيقي الصادق ومواجهة كتائب الأكاذيب.
قابلية الناس لتصديق الشائعات تنفتح مع غياب ما يرضيهم، وليس يوجد الكثير منه هذه الأيام.
Advertisements
الجريدة الرسمية