رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا نواجه حروب الجيل الرابع


في أسبوع واحد فقط رصدنا انتشارا مرعبا لعدد من الشائعات لم يعد مروجوها في حاجة لبذل مجهود أكبر من مجرد التنسيق الإلكتروني فيما بينهم والنشر الجماعي على أوسع نطاق في مواقع التواصل الاجتماعي، من البيض البلاستيك الذي سيغزو الأسواق إلى بيع الجنسية المصرية مقابل سبعة ملايين جنيه وديعة بنكية إلى الانفجار الذي حدث في قلب المطار، وأكد بعضهم أنهم شاهدوا _ بعنيهم اللي هيأكلها الدود _ ألسنة اللهب وهي تتطاير هناك وتوقفت على إثرها الملاحة الجوية..


إلى خبر الإفراج عن رئيس مصلحة الجمارك المقبوض عليه والموجه إليه تهمة الرشوة واستغلال المنصب، أداء متواصل في نشر الأكاذيب ومجهود ضخم في الحض على التفاعل معها والتعامل على أساسها، وإذا كنا لا نستطيع التحكم في هذا الفضاء الإلكتروني ولا يمكننا حتى اللحظة رصد ومعاقبة اللجان الإلكترونية المتورطة في هذا اللغط، فهذا لا يعني أبدًا أن السكوت على هذا الوضع أمر يمكن قبوله..

الدولة تتحمل جزءا كبيرا من مسئولية ذلك بغياب المعلومة الواضحة وقت وقوع الحدث، وهو ما يفسح المجال لعمل الكاذبين ويهيئ لهم الأرض الصلبة التي يقفوا عليها مؤكدين، جازمين، حالفين بالله العظيم تلاتة أن ما يقولونه صحيح تماما، محاربة الكذب على هذا الفضاء الإلكتروني تتلخص في بيانات سريعة تخرج من المسئولين وقت وقوع حادث ما، وفي ردود فورية على الإشاعة تنتشر بنفس مساحة وسرعة انتشارها، عامل الوقت مهم جدا والرد على الشائعة بعد ساعات من تداولها غالبا لا يأتي بالنتائج المرجوة..

الحل أيضا في التوضيح الكامل للمعلومة والتحذير من نشرها مبتورة، فنشر خبر عن وديعة بنكية للحصول على الجنسية المصرية دون توضيح كافٍ أن هذا شرط إضافي لشروط عديدة موضوعة لتحقق الحصول عليها فتح الباب على مصراعيه لعمل لجان ترويج الشائعات وجعلهم يتشدقوا على مدار أيام بأبعاد الوطنية والأمن القومي الذي هم أبعد ما يكونوا عن حمايته بكذبهم وتضليلهم اللامنتهي..

الحل أيضا يتلخص في التوعية المجتمعية بجميع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية عن كيفية اختيار المصادر التي يمكن تلقى منها أخبار والمصادر التي يجب ألا يوثق فيها أحد لأنها مجهلة ولا يوجد مسئولين واضحين عنها، المسألة ليست صعبة وليست هينة في الوقت نفسه، وعلينا ألا ننسى أن بغداد سقطت في يد الأمريكان في دقائق معدودة بناء على إشاعة بثتها قناة الجزيرة القطرية أنها سقطت بالفعل..

وكانت تلك الواقعة هي النواة التي بدأت منها أفكار حرب الشائعات وحروب الجيل الرابع في المنطقة العربية، على الدولة أن تعتمد تلك الطريقة الممنهجة لمواجهة الشائعات وتعين مسئولين عن تنفيذها يكونوا ليل نهار على أعلى درجة من الجاهزية ومستعدين بلا انقطاع للرد والتوضيح، ودوما الأسرع والأدق والأكثر انتشارًا، هكذا نواجه في حروب الجيل الرابع، وهكذا نقضي على عمل الشائعات أو نُحجمها كثيرا على أقل تقدير.
الجريدة الرسمية