رئيس التحرير
عصام كامل

ارحموا الفلاحين


فعلت الحكومة فعلتها برفع الدعم عن الوقود، كما تناول المقال السابق، وبقي البحث عن صدقة "الحماية الاجتماعية" علَّ الحكومة تطبقها، إن كان لها فضل بقية من رحمة تشفق بها على شعب بات مطلوبا منه أن "يحاسب على المشاريب" في كل مصيبة يتحمل نتائجها دون أن يطون له ذنب فيها.


وبات سائقو سيارات الأجرة والتاكسي والسرفيس، الرابح الأول من حماقات رفع الدعم، فأصبحت مصائب الركاب عند السائقين فوائدُ، فرفع سعر اللتر لو زاد جنيها ونصف الجنيه، يتنمَّر السائقون لجمع أضعافه في رحلة لن تستهلك سياراتهم فيها ثلاثة لترات.

ولو كنت سائقا ربما لأقمت تماثيلا وطبعت صورا لكل من كان وراء رفع الدعم عن الوقود.. المهم بعيدا عن حديث قد يُفهم منه أنه "حسد" للسائقين و"قرُّ" عليهم، أهمل قرار رفع الدعم عن الوقود المطعون فيه شعبيا وواقعيا، فئات لا يقل دورها عن الوزراء القابعين في مكاتبهم، ولا عن المنظرين المداحين لكل القرارات الحكومية آناء الليل وأطراف النهار.

إنهم أهلنا وآباؤنا الفلاحون، الذين طالما ترعرعنا على خيرهم وتربينا على مبادئهم.. في الصعيد والوجه البحري على السواء.. يكتوون الآن بنار القرارات الحكومية التي طالما أسرع مصدروها إلى محاولات احتواء أسرع أثر لها بتعليمات مباشرة للمحافظين بشأن التأكيد على عدم تجاوز تعريفة ركوب السيارات.

قرار الحكومة الموقرة بدا كما لو أن مُصدريه لم يُعايشوا واقع المصريين وكأنهم من دولة أخرى أو كوكب آخر، لكن تعالوا كعادتنا نفترض حسن الظن والنية وإن كان "حسن النية أحيانا ورطة"، ولنشرح خطوة خطوة لم لا يعرف من السادة الأجلاء.. الفلاح المصري يا سادة في مناطق تسمى "الريف" يروي أرضه بآلة تسمى "ماكينة ري" هذه الماكينة تعمل بالسولار.. المهم أن تلك الماكينة تكلف رية الفدان الواحدة 140 جنيها سولار، بعدما كانت تتكلف 120 جنيها، أي إن المحصول الواحد قد تصل تكلفته 1400 جنيه يدفعها الفلاح من دمه تكلفة عشر ريات.

يحدث هذا ولم يفكر "عقل" من عقول حكومتنا الموقرة في التوصل إلى حل بوضع تسعيرة محددة للفلاحين.. أما يكفيهم ما يعانيه الفلاح من اضطراره، في ظل غياب شبه كامل لدور وزارة الزراعة، إلى شراء الأسمدة من السوق السوداء بسعرها القاصم لظهر المزارعين.

وبالمناسبة هل يظل الفلاحون من ملاك أراضي الإصلاح الزراعي الذين سددوا كل ما عليها من أقساط للدولة، دون أي غطاء قانوني أو عقود ملكية – أقول إنهم سددوا كل ما عليهم من مستحقات- ورغم ذلك ليسوا مدرجين بالجميعات الزراعية فلا سماد لهم ولا تقاوي.. آه على تاريخ الجمعيات الزراعية ودورها ونظام الدورة الزراعية ومصر التي كانت "زراعية" يبدو أن كل ذلك أمام السادة الأجلاء الأكابر "حكايات من الماضي"، لكن بإمكانهم إعادته واقعا والتدخل الفوري لإنقاذ الفلاحين الذين نأكل خيرهم ونتجاهل معاناتهم.
الجريدة الرسمية