أعمال رمضان وقاحة وتحرش وابتذال

انتصف الشهر الفضيل، وبعد أن كان الريموت كنترول يتنقل حائرا في الأيام الأولى، لمتابعة مشاهد من مسلسل كوميدي، أو عمل تراجيدي، ودقائق من برنامج أو دراما تاريخية، استقر رأي الجمهور كل حسب قناعته على ما يتابعه من أعمال وهجمة فضائية معتادة تصيب المتلقي بتخمة في رمضان كل عام.

لا ننكر أن هناك أعمالا جيدة تستحق المتابعة، لكنها مع جودتها لم تخل من أخطاء إخراجية كارثية، امتلك بعض صناعها شجاعة الاعتراف بها والاعتذار عنها، كما اتسمت بعض الأعمال بمشهدية جميلة ونقلة نوعية على صعيد الصورة، ووضح سخاء الإنتاج في كثير من الأعمال، التي صورت بعض أحداثها في دول أوروبية.

لكن كان لافتا أيضا أن بعض الفنانين ممن تميزوا وحققوا نجومية بتجسيد الأدوار الثانية والثالثة، فشلوا تماما عند تصديهم للبطولة المطلقة هذا العام. وعلى النقيض تماما استعاد بعض كبار النجوم الألق والبريق حين أحسنوا اختيار النص ومضمونه، بعد فشل أعمالهم في السنوات الأخيرة لسوء اختيار القضايا المطروحة.

اتسمت دراما رمضان بظواهر عامة سادت كثيرا من المسلسلات في مصر والخليج، خصوصا التحرش والاغتصاب والعنف الأسري، مواكبة للضجة العالمية المثارة بعد انكشاف فضيحة منتج هوليوود النافذ هارفي واينستين، المتهم بالتحرش واغتصاب عشرات الفنانات، وما تلاه من فضائح كثير من المشاهير، آخرهم مورغان فريمان.

أثار مشهد اغتصاب ابنة الفنانة غادة عبدالرازق في أحداث مسلسل "ضد مجهول"، جدلًا كبيرا، فالبعض يرى أنّ هذه المشاهد غير لائقة في شهر رمضان، والبعض الآخر رحب بها وفق ضوابط رقابية معينة، باعتبار المسلسل يناقش قضية تحدث في مصر كثيرا، واتفق الجميع على تميز المسلسل .

رغم أن حالات الاغتصاب لم ترق إلى مستوى الظاهرة في الخليج، إلا أن بعض المسلسلات تضمنت مشاهد اغتصاب ولو تلميحا، فضلا عن كثير من مشاهد العنف الأسري. فمثلا تضمن المسلسل الكويتي "محطة انتظار" للفنان محمد المنصور مشهد اغتصاب سائق هندي لطفلة، وكذلك مشهد اغتصاب شابة في المسلسل الكويتي "عبرة شارع" للفنانة سعاد عبدالله، وفيه أيضا مشاهد من تعنيف الأبناء وإذلال وإهانة الزوج. وتجلت مشاهد العنف الواضح في مسلسل "عطر الروح" للفنانة هدى حسين.

وأثار مسلسل "مع حصة قلم" للفنانة الكويتية حياة الفهد ضجة لتضمنه كم شتائم بلغ "حد الوقاحة" في حوارات الممثلين بما فيهم الأطفال، والأمر نفسه مع مسلسل "روتين" للفنان محمد المنصور، وإن كان بدرجة أقل.. أما المسلسل البحريني "الخطايا العشر" أحد أبرز وأجمل أعمال رمضان على الإطلاق، فصدم المشاهدين بجرأة الطرح، حيث الخيانة الزوجية مع سبق الإصرار وبرود الزوج وعدم مبالاته بخيانة زوجته له مع خطيبها السابق، فضلا عن توبيخ الابنة لأمها وتطاولها عليها!!.

هذا الطرح قابله كثير من الجمهور بغضب، معتبرا أن هكذا دراما لا تمثل حقيقة المجتمع الكويتي والخليجي عامة، وأن ابتذال وإسفاف الدراما نوع من التغريب يجب التصدي له!!.

إن كانت المشاهد المسفة والمبتذلة تأتي تلميحا في الدراما الخليجية، فهي تعرض صريحة وواضحة بالدراما المصرية، وإن تصدت لها الرقابة وحذفتها لعدم إمكانية عرضها في الشهر الفضيل، نجد بعض فريق العمل يعرضها بكل تبجح على صفحاته بالسوشيال ميديا، مثلما فعل محمد رمضان بنشر مشهد محذوف من "نسر الصعيد" يتضمن حوارا جنسيا يجمعه مع وفاء عامر!!.

الإصرار على ترويج النماذج السلبية وضح في مسلسل "اختفاء"، ولم يلتفت صناعه إلى تقرير صندوق مكافحة وعلاج إدمان المخدرات، الذي حذر من "دور مسلسلات رمضان في زيادة نسبة الإدمان بتعريفها ونشرها الطرق المثالية لتعاطي المخدرات".

وأمام مخالفات مسلسل "اختفاء" الجسيمة وضعه صندوق علاج الإدمان والتعاطي في القائمة السوداء، بعد رصد تضمنه "33 مشهد تدخين بإجمالي 33 دقيقة و12 ثانية، و14 مشهد تعاطي استغرقت 19 دقيقة و51 ثانية" ما يمثل خطرًا ممتد التأثير على المتلقي!!.

نأتي إلى برنامج رامز جلال، الذي يزداد فشلا وابتذالا وفقد أسباب وجوده، لفبركته الواضحة وسخافته الشديدة، والحقيقة أن اسمه هذا العام على مسمى فهو فعلا "تحت الصفر"... تغيير وجوه ضيوف البرنامج لم ينتشله من الفشل، بل أسقطه في مستنقع "التحرش والشتائم"، فما حدث من تحرش وألفاظ خادشة للحياء أدلى بها رامز في حلقة ياسمين صبري لا تمت للكوميديا بصلة بل "قلة أدب". كما أن حلقة شيرين عبدالوهاب تضمنت رقما قياسيا في الشتائم وجهتها شيرين لصاحب المقلب المفبرك!!.

ما يعرض من وقاحة وإسفاف وابتذال، دراميا وبرامجيا، يحتاج وقفة جادة من الهيئة الوطنية للإعلام بالتعاون مع الرقابة، على أن يشمل الحظر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن يتجرأ على تجاوز المعايير وينشر مشاهد ممنوعة يحاسب حسابا عسيرا.