رئيس التحرير
عصام كامل

أرقام مرعبة في رسالة دكتوراه.. السحب الجائر يهدد ثروة مصر من المياه الجوفية.. منتجعات «مصر - الإسكندرية الصحراوي» جرس إنذار.. وزيادة نسبة الأملاح أخطر النتائج المتوقعة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عدم الاكتراث بوجود كارثة تهددنا يتجلى في المخالفات الصارخة تجاه استخدام المياه الجوفية في منطقة طريق "مصر إسكندرية الصحراوي”، والتي رصدتها الدكتورة سوسن مصيلحى محمد إبراهيم، بمركز بحوث الصحراء خلال رسالة دكتوراه نشرت عام 2005 عن إدارة موارد المياه الجوفية بمنطقة الوادى الفارغ ومنتجعاتها بالطريق الصحراوي الواصل بين القاهرة والإسكندرية.


"مصيلحي" كشفت خلال رسالتها عن وجود 71 فدانا من البحيرات الصناعية بمنتجع السليمانية السكنى في الكيلو 52 تعتمد على البئر الجوفية بالمنطقة التي خصصت للزراعة في الأصل منذ فترة الثمانينيات.

في رسالتها أشارت "مصيلحى" إلى أن منطقة البحيرات الصناعية عمقها 3 أمتار وحفرت على ذلك العمق لتستوعب الألعاب الترفيهية المخصصة لسكان المنتجع، حيث تحتاج تلك البحيرة لتمتلئ عند الحد المطلوب إلى أكثر من 894 ألف متر مكعب من المياه، وذلك حتى فترة إجراء الدراسات عام 2005 هذا بخلاف مساحات الجولف المنتشرة في هذا المنتجع وتُروى بالمياه الجوفية أيضا ليس لشيء سوى الترفيه وليس الزراعة التي خصصت المنطقة لها بالفعل، بل إن ملاك المنتجع خططوا وفقا للدراسة لزيادة مساحة البحيرات الصناعية إلى 159 فدانا خلال المراحل المتتابعة من مشروعهم السكني الترفيهى بعمق 3 أمتار أيضا وهو ما يعنى أن كميات المياه المهدرة في تلك البحيرات سيصبح 2 مليون متر مكعب، لكن لم يتم إلى الآن رصد مقدار الزيادة في مساحة البحيرات منذ رسالة دراسة الدكتوراه تلك.

معدات التشغيل
معدلات التشغيل التي يتبعها أصحاب بعض المنتجعات الواقعة على طريق "مصر إسكندرية الصحراوي" وصلت إلى السحب لمدة 12 ساعة وأزيد في اليوم بكمية تصل إلى 200 متر مكعب من المياه لكفاية ملء البحيرات الصناعية وحمامات السباحة ورى أراضى الجولف، والمياه المستخدمة لأغراض المعيشة تكفى لرى نحو 400 فدان زراعي بالمقننات المائية الحديثة لوزارة الرى في المنطقة المعتمدة بـ6 أمتار مكعب للفدان في اليوم بإجمالى 1800 متر مكعب للفدان في السنة وفقا لقرار اللجنة العليا لتقنين الأراضى عام 2015، وهو تراجع في تحديد المقننات المائية للزراعة في الصحراء والتي حددها من قبل القرار الجمهورى رقم 395 لسنة 1994 بـ15 مترا مكعبا للفدان.

انخفاض المنسوب
خطورة مخالفات المنتجعات في ملف المياه الجوفية تبدو واضحة للعيان بعد أن تسببت في انخفاض المنسوب العام للمياه الجوفية في بعض المناطق التي أجرت عليها الدكتورة سوسن مصيلحى الدراسات من 8 إلى 9 أمتار في الفترة بين أعوام 1991 و2002، وهو ما يعنى أن نسبة الانخفاض بلغت أقل من متر مكعب في العام الواحد، وارتفعت في الفترة ما بعد 2002 إلى متر مكعب من منسوب المياه في المناطق التي أجرت عليها الدراسات عام 2005، لكن تدهور الخزان الجوفى في بعض مناطق طريق "مصر إسكندرية الصحراوي" لم يتوقف عند ذلك بل وصل منسوب الانخفاض إلى 1.7 متر  وهو ما كشفه بحث للدكتورة سوسن مصيلحى بالتعاون مع الدكتور أحمد يوسف بمركز بحوث الصحراء على منطقة الكيلو 80 من الطريق.

البحث المسجل برقم V 61 في الجمعية الجيولوجية راقب خلال الفترة بين أعوام 2003 و2015 تقييم المياه الجوفية في منطقة الكيلو 80 على طريق "مصر إسكندرية الصحراوي" باستخدام عدة تقنيات علمية وتحديد التغيرات في مستوى سطح المياه الجوفية ونوعيتها وتغذية الخزان الجوفى للفاقد منه من عدمه، وكانت إحدى نتائج الدراسة هو وجود 6 فوالق في طبقة البازلت الفاصلة بين طبقة الخزان الجوفى السطحية المسماة بخزان المغرة وطبقة المياه الموجودة أسفل طبقة البازلت التي تكون في العادة أكثر ملوحة وتسمى بالأيلوجيسين، وبسبب السحب العشوائى غير المراقب اختلطت مياه طبقة الأيلوجيسين بمياه خزان المغرة وزادت ملوحتها عن المعدل الطبيعى نسبيا في بعض الأماكن إلى جانب انخفاض مستوى سطح المياه من 2003 إلى 2015 بنحو 6 : 30 مترا بمعدل انخفاض سنوي يصل إلى 1.7 متر وهو ما لفتنا إليه سابقا.

من النتائج الخطيرة التي كشفها البحث أن تلك المنطقة تعانى حفرا عشوائيا للآبار أدى لوجود آبار بمسافات بينية تصل إلى 200 متر فقط، وتسبب في هبوط وبسحب جائر يصل إلى 180 مترا مكعبا في الساعة بمعدل تشغيل للآبار لمدة 22 : 24 ساعة في اليوم، وهو ما أدى أيضا إلى هبوط شديد في مستوى سطح المياه الجوفية وسمك طبقة المياه في خزان المغرة الذي كان أعلى سُمكا له 175 مترا عام 2003 وانخفض سمك طبقة المياه إلى 153 مترا عام 2015 وإلى 75 مترا في بعض المناطق.

النتيجة الأكثر سوءًا في البحث الذي أجراه علماء مركز بحوث الصحراء هي زيادة نسبة الأملاح الصلبة في المياه الجوفية في منطقة الكليو 80 إلى 2485 مليجراما في اللتر بعد أن كانت 234 مليجراما في اللتر عام 2003.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية