رئيس التحرير
عصام كامل

كامل الشناوي يكتب: «خواطر شناوية»

فيتو

في جريدة الجمهورية عام 1956 كتب كامل الشناوى مقالا مكونا من كلمات من المقالات المبعثرة واليوميات والخواطر الفلسفية التي كتبها في عدد من الصحف والمجلات وكان يستعد لطباعتها في كتاب منها:


*أحب الجمال ولو تحول إلى خنجر يسكن ضلوعى، يجول فيها، يتلوى ويقفز، أحبه في فكرة، كلمة، لوحة، نظرة، إشارة، شروق، ضباب، حقيقة، خيال، بحر هائج، رياح عنيفة، نسيم رقيق، نغمة تنساب من حنجرة، آلة موسيقية أو كعب حذاء.

* مثل القانون يحمى البريء ويتعقب المجرم، وقد كان يحميك فأصبح يتعقبك.. تعالى تعالى.. لا تخافى أن تذكرينى بالماضى.. إننى عندما أراك لا أغوص في أيام ذهبت.. ولكنى أتسلق ما بقى لى من أيام.

*ليس في حياتى ماض وحاضر ومستقبل.. حياتنا فترة واحدة هي الماضى.. الأمس مضى، اليوم يمضى، وغدا سيمضى، تعالى ولا تترددى فلم يبق من عمرى ما يسمح بأن تترددى.

*أصبحت ساعتى مثلى أصابتها الشيخوخة، فقدت توازنها، تريد أن تسير فتقف، تحولت دقاتها المنتظمة إلى سعال منقطع.. كل يوم يبذل الساعاتى معها ما يبذله الطبيب معى.. لكن الزمن أقوى من الساعاتى ومن الطبيب.. وآه من يوم أرى فيه الناس يحاولون التخلص منى.. لأنى أصبحت مثل ساعتى.

*أفكارى التي تؤرقنى أتمنى أن تغفو على وسادة.. إننا في حاجة إلى كل الناس، حتى لو كان إنسانا تافها أو أحمق.. أن الناس هم الأردية التي نلبسها في الحياة، فبينهم رابطة العنق التي تزين الصدر، وبينهم الحذاء الذي يحمى القدمين من الحفاء.

*أيها الليل ياحبيبى.. ألم يعد لنا مكان نلتقى فيه إلا غرفة نومى ؟ أين الشوارع والملاهى والفنادق ؟ أخرجنى من بيت كما كنا نفعل أيام الشباب، واسهر معى حتى ارى اصدقاء عمرى..السحر والفجر والصباح.

*ما أشبه طريق حياتى ببيتى، نصفه مفروش والنصف الآخر خال من الأثاث، أتلفت ورائى فأجد الأيام تغطى طريقى.. وأنظر أمامى فأرى الطريق عاريا إلا من يوم أراه، ويوم لا أكاد أراه.

* إذا كانت الحياة حقيقة والموت حقيقة، فأين نحن البشر من الحقيقتين؟ هل نحن أحياء تنتظر الموت؟ هل نحن موتى تركنا مرحلة الحياة؟ ولكن.. لماذا نسأل عما لا جدوى في أن نجهله أو لا نجهله.

لا تظنى بى السوء.. فما كنت سيئا ولا شريرا.. كل ما هنالك أنى أردت أن أرفع روحى إلى سمائك فوجدتنى في الهاوية.. ولست أدرى هل أخطأت الطريق إلى السماء فهويت، أم أنك لم تكوني قط في السماء.
الجريدة الرسمية