رئيس التحرير
عصام كامل

أعدمنا «الحوت الأزرق».. فماذا عن الإباحية؟


أسابيعٌ من الضجيج أثارتْها مخاطرُ ما يُسمى بـ"لعبةُ الحوتِ الأزرق".. تقاريرٌ إعلاميةٌ متتابعةٌ عن الجرائمِ المرتبطةِ باللعبة ومن بينها، الانتحارُ وإيذاءُ النفس بسبب ممارسة لعبة إلكترونية تتطلب ممارستها إعطاء أوامر معينة للاعب كطلب الإدلاء بمعلومات عن الحياة الشخصية والعمر والأسرة.


المهم أن قناعةً باتت مستقرة لكل المتابعين من إخلال كم المعالجات الإعلامية لمخاطر تلك اللعبة، بأنه و"الحمد لله تم إعدام لعبة الحوت الأزرق بعد الجرائم المرتبطة بها"، وتناسينا خجلًا أو نسينا سذاجةً، أن مصيبةً أخرى متعلقة بالجرائم الإلكترونية، لا تقل خطرًا عن لعبة "الحوت الأزرق"، ألا وهي المواقع الإباحية على شبكة المعلومات الدولية..

تلك الأفلام التي دفعتني دراستي في مجال الإعلام بمستهل حياتي الجامعية إلى جمع مادة بحثية عنها بتكليف من أحد أساتذتي عن مخاطرها، وخلصت إلى نتائج شبه متماثلة من معظم الأكاديميين الذين حللوا مخاطر المواد الإباحية تتركز في تأثيرها النفسي على مدمني مشاهدتها، بما يعطي لديهم صورةً سلبيةً عن المرأة، ترتكز إلى نظرة دونية إليها واحتقارها، فضلا عن تدميرها النسق القيمي للمجتمعات، ووضع متلقيها ومدمنيها في حالة مزاجية عصبية مضطربة فمدمن الأفلام الإباحية "حاد المزاج" "عصبي"..

لأنه وإن اختلفت مادة التعاطي فهو على أية حال "مدمن"، كل هذا علاوة على ما يرتبط بمشاهدة تلك الأفلام من ممارسات تنطوي على معاناة الشعور بالذنب واهتزاز الثقة بالنفس.. وبعد دخولي مجال العمل أجريت حوارًا مع صديقي العالم الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي وصارحني الرجل كعادته بمخاطر مشاهدة الأفلام الإباحية وتدميرها للأسر ولم يخف مخاوفه من أضرارها.

إن ترك الأطفال دون رقابة مستنيرة تعتمد على الصداقة والقرب والاحتضان وكذا المراهقين، لهو خطرٌ قاتلٌ يهدد أسرنا ومجتمعنا، فأغلبنا يتعامل مع التربية والمسئولية تجاه الأبناء على أنها "إلحاق الطفل بمدرسة خاصة، وتمويل الدروس الخصوصية وتوفير متطلبات الأسرة كافة"..

يحدث ذلك مقابل "طحن" رب الأسرة بعملين وربما ثلاثة، فيما لا تقوى الأم وحدها على التعامل منفردة مع "ترس المطالب الداخلية اليومية للمنزل".. بعدما تحوَّل عمودا الأسرة –الأب والأم- إلى ترسين أحدهما خارجي في آلة الحياة والآخر داخلي في "مطحنة المنزل"، أمام طغيان الأسعار وارتفاع معدلات التضخم بعد قرار صدر بتعويم الجنيه المصري، الذي كان استقراره في عهود سابقة ضمانة لاستقرار المواطن، لكنه الآن بعد تعويمه أغرق محدودي الدخل.. وربما كانت تلك المخاطر الاجتماعية المرعبة للقرارات الاقتصادية التي وإن لاقت إشادة من بعض المؤسسات الدولية إلا أن لها آثارا ربما يتعذر تداركها مستقبلا.

المطلوب منا الآن تدريس التعامل الأمثل مع الإنترنت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في التعليم والإعلام والمسجد تركيزا على جني ثماره دون الإصابة من أشواكه ورشف عسله دون وخز نحله..

ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي إذ قال:« لَــيــسَ الـيَـتـيـمُ مَــــنِ اِنــتَـهـى أَبَـــواهُ مِـــن..َهـــــــــمِّ الــــحَــــيـــاةِ وَخَــــلَّــــفـــاهُ ذَلـــــيـــــلا/ إِنَّ الــيَــتــيـمَ هُـــــــوَ الَّــــــذي تَــلــقــى لَــــــهُ..أُمّــــــــــًا تَــــخَـــلَّـــت أَو أَبــــــــــًا مَـــشـــغـــولا».
الجريدة الرسمية