رئيس التحرير
عصام كامل

تأملات في الحرب الكونية على سورية!


بدأت الحرب الكونية على سورية منذ سبع سنوات بالتمام والكمال، ومنذ اللحظة الأولى ونحن نكتب ونحلل ونحذر ونحاول أن نكشف أبعاد المؤامرة على الدولة العربية السورية، التي شكلت صداعا مزمنا في رأس العدو الأمريكى، الذي فرض سيطرته وهيمنته الاستعمارية الجديدة على كل الدول العربية تقريبا بنسب متفاوتة، ما عدا هذه الدولة التي لم يتمكن من إذلالها وتركيعها كما فعل مع غيرها من بلدان المنطقة.


فظلت الدولة العربية الوحيدة المحتفظة بكامل سيادتها، فشعبها يأكل مما يزرع، ويلبس مما يصنع، وقد اقترب من الاكتفاء الذاتى، هذا إلى جانب أنها الدولة العربية الوحيدة التي لا يوجد عليها ديون خارجية ولا دولارا واحدا، وظلت محتفظة بقرارها السياسي وحق جيشها في خوض معركة تحرير مع العدو الصهيونى، وبالطبع لم تفلح معها كل محاولات التغريب والتشويه الثقافى، نظرا لتجربتها الفريدة في تعريب العلوم، فظلت محافظة على الهوية الحضارية العربية، والمدافع الأول عن المشروع القومى العربي المقاوم.

وكنا نقول في وقت مبكر إن الأصيل في هذه الحرب على سورية هو العدو الأمريكى وحليفه الصهيونى، وأن هذه الحرب تستهدف مكونات الدولة الأربعة وهى: الأرض والشعب والجيش والقائد، حيث تستهدف تقسيم وتفتيت الأرض، وتمزيق وحدة النسيج الاجتماعى للشعب، واستنزاف قدرات الجيش وإضعافها إلى أقصى درجة ممكنة، والإطاحة بالقائد الشجاع الذي لا يلين وغير القابل للمساومة أو البيع والشراء أو التخويف والتهديد، وبالفعل بدأت الحرب الكونية ومنذ اللحظة الأولى وهى تتحرك على المحاور الأربعة، لكن هيهات أن تنال من وحدة الأرض وتماسك الشعب وبسالة الجيش وصلابة القائد.

وتمكنت الدولة السورية عبر السنوات السبع الماضية من تفكيك مشروع المؤامرة عليها وعلى الأمة العربية كلها، فالعقيدة الراسخة لدى سورية شعبا وجيشا وقائدا أنهم لا يخوضون هذه الحرب دفاعا عن التراب الوطنى السورى فحسب، بل يخوضونها نيابة عن الأمة العربية كلها، بل دفاعا عن شرف وكرامة كل مواطن عربي شريف يعيش فوق هذه الأرض، ومن هنا رسمت سورية إستراتيجياتها لمواجهة المشروع الاستعمارى الغربي، فهى رأس الحربة في المشروع القومى العربي المقاوم، الذي يشكل البديل للمشروع الاستعماري، وهزيمة سورية هي هزيمة لمشروع وليس لبلد.

حاول العدو الأمريكى أن يوهم العالم أجمع عبر سيطرته على الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي تعمل طوال الوقت على نشر الأكاذيب، أن هناك ثورة في سورية، ومع الوقت وانكشاف هذا الادعاء الكاذب، حاول أن يقنع الرأى العام العالمى أن الثورة السلمية تحولت إلى ثورة مسلحة نتيجة ما مورس ضدها من عنف، وعندما تم كشف زيف الادعاء الجديد، قام بالاعتراف بأن بعض الجماعات والتنظيمات التكفيرية الإرهابية قد انضمت إلى الثوار لدعمهم..

ولم يصمد هذا الادعاء طويلا، حيث اختفى الثوار وتحولوا إلى معارضة بالخارج تجلس في فنادق الخمس نجوم في بعض العواصم حول العالم، وبالتالى أصبح العدو الأمريكى يدافع عن الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي هزمت على يد الجيش العربي السورى، ووجد العدو الأمريكى نفسه في مأزق شديد.

فقرر أن يخوض الحرب بنفسه لكنه لم يعد يستطيع أن يقدم مبررا أمام الرأى العام العالمى، وعجز عن انتزاع قرار من مجلس الأمن بالتدخل العسكري في سورية، ولم تكن حجة الكيماوى المزعوم محكمة أو مقنعة، وكانت الدولة السورية قد تمكنت من عقد تحالف إستراتيجي مع روسيا التي وقفت كالصخرة في مواجهة البلطجة الأمريكية سواء على المستوى الميدانى أو المستوى السياسي، فكان الفيتو الروسى جاهز دائما لإفشال مساعى العدو الأمريكى العدوانية، وجاء العدوان الأخير ليؤكد انتصار سورية على العدو الأمريكى.

لكن العجيب حقا أن العدو الأمريكى لم يكل ولم يمل من محاولات تزييف الرأى العام العالمى، فتجدهم يقولون إنهم سيسحبون قواتهم من سورية، وهنا يعتقد الرأى العام أن المقصود هو القوات الأمريكية الموجودة ضمن التحالف الدولى المزعوم لمحاربة داعش، وهى بالطبع قوات محدودة العدد، لذلك يجب على الرأى العام العالمى أن يدرك أن قوات العدو الأمريكى الموجودة على الأرض السورية هي كل إرهابى قام بحمل السلاح في مواجهة الجيش العربي السورى.

واستمرارا في نشر الأكاذيب يحاول العدو الأمريكى أن يوهم الرأى العام العالمى أنه سينسحب بقواته، وسوف يتم استبدالها بقوات عربية، وهو وهم جديد يحاول أن يقنع به الرأى العام. 

عن أي قوات عربية يتحدث العدو الأمريكى، بعض القوات العربية موجودة منذ اللحظة الأولى، وشارك منها إرهابيون في الحرب على سورية، ولدينا قائمة بأعدادهم منذ بداية الحرب الكونية على سورية في العام 2011 وحتى نهاية العام 2017.

ومن خلال تأملاتنا في الحرب الكونية على سورية يمكننا القول إن العدو الأمريكى لن يكف عن أكاذيبه، ولن يوقف هذه الحرب الكونية، لأنه هو الرابح الأول فيها رغم كل هزائمه سواء الميدانية أو السياسية، فقواته العسكرية لم تشارك فعليا في الحرب، لكن القوات المرتزقة التي جاء بها من كل أصقاع الأرض هي من تخوض الحرب بالوكالة، وتباد على أيدى الجيش العربي السورى، والأسلحة والمعدات الحربية المستخدمة تأخذ حقها مقدما من الرجعية العربية الخائنة والعميلة الممولة للحرب..

فلماذا إذن توقف الحرب وتسحب قواتها من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، المؤكد أن الكلمة الفصل في هذه الحرب الكونية على سورية هي لطرفين الأول هو الجيش العربي السورى البطل الذي يجفف كل منابع الإرهاب على الأرض السورية، والثانى هو الشعب العربى الذي تستنزف أمواله في هذه الحرب، فإذا كنا على ثقة في استمرار الجيش العربي السورى في خوض المعركة إلى النهاية، فإن ثقتنا ليست كاملة في قدرة بعض الشعوب العربية لإقناع حكامها أو إجبارهم على إيقاف عملية التمويل، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية