رئيس التحرير
عصام كامل

«الدستورية» ترفض الطعن بعدم دستورية قانون الإجراءات الجنائية

المحكمة الدستورية
المحكمة الدستورية

قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا بعدم دستورية نصى المادتين (402، 403) من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمناه من قصر حق استئناف الحكم الجنائى على المتهم والنيابة العامة فقط، دون المدعى بالحق المدنى.


وتنص أولاهما على أن: "لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية في مواد الجنح، ومع ذلك إذا كان الحكم صادرًا في إحدى الجنح المعاقب عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلًا عن الرد والمصاريف فلا يجوز استئنافه إلا لمخالفة القانون أو لخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو لوقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم.

أما الأحكام الصادرة منها في مواد المخالفات فيجوز استئنافها:
(1) من المتهم إذا حكم عليه بغير الغرامة والمصاريف.
(2) من النيابة العامة إذا طلبت الحكم بغير الغرامة والمصاريف وحكم ببراءة المتهم أو لم يحكم بما طلبته.

وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز رفع الاستئناف من المتهم أو من النيابة العامة إلا لمخالفة القانون أو لخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو لوقوع بطلان في الحكـــــم أو في الإجراءات أثر في الحكم."

وتنص ثانيتهما على أن: "يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعى بالحقوق المدنية ومـــــن المسئول عنهـــــا أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضى الجزئى نهائيًا".

وأقامت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن الدستور في مقام تنظيم الخصومة الجنائية وحرصًا منه على إيلاء أمر الدعوى الجنائية إلى جهة محايدة تتمتع بالحيدة والنزاهة تقوم عليها وتنوب عن المجتمع بأثره في ذلك، فقد عهد بموجب نص المادة (189) منه إلى النيابة العامة - وهى شعبة أصيلة من شعب جهة القضاء العادى تتمتع بالاستقلال والحيدة- بتولى التحقيق في الدعوى الجنائية، وتقوم بتحريكها، ومباشرتها أمام المحاكم الجنائية المختصة، باعتبارها صاحبة الولاية العامة في مباشرة ذلك، نيابة عن المجتمع، مراعيًا فـــــــى ذلــــك أن الضــــــرر الواقـــــــع مـــن الجريمـــــة لا يخص المضرور المباشر منها فحسب؛ وإنما يقع أثره على المجتمع بأثره، فيقوض الشعور العام بالعدالة ويوهن من الثقة العامة في نجاعة النظام الجنائى فيه، فشاء بذلك ألا يكون لسطوة الجانى مهابة تحول دون بلوغ العدالة الجنائية غايتها الاجتماعية، وتقعد المجنى عليه عن مباشرة دعواه الجنائية مخافة إيقاع الجانى به ضررا أبلغ إذا ما مضى في طلب توقيع الجزاء عليه.

ومن جهة أخرى فإن توسيد الأمـــــــر إلى النيابة العامة، على مــــا تتمتع به مــــــن حيـــــدة واستقلال، يتيح لها وزن وتقدير الدليل لصالح القانون طلبًا للعدالة وتحريًا للصالح العام، وتحديد مسار الدعوى الجنائية أمام جهة القضاء - تحريكا ومباشرة- مما من شأنه أن يحول دون تعريض المتهم لصنوف المكايدة في مجال الخصومة الجنائية من خصوم وجدوا في سبل الطعن المقررة في القانون وسائل لإرضاء ضغائنهم، وتهديدا لخصومهم بإطالة أمد التقاضى في الدعوى الجنائية ضدهم من غير مبرر، وتعريضهم للابتزاز والمساومات غير المنصفة، فكان في إيلاء الأمر إلى النيابة العامة ما من شأنه تجنب هذه المضرة بشقيها، وضبط مسار الدعوى الجنائية تحت إشراف مؤسسة محايدة ومنصفة ترد بأس المعتدى الظالم ولا تخش تهديده حتى توقع العقوبة عليه، وتأخذ الحق العام منه، وتحول دون تغول الأخصام على المتهم البرئ نكاية؛ حتى تدفع الضر عنه ـ

وأنه وإن كان الدستور قد أسند إلى النيابة العامة الاختصاص بالتحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، فإنه لم يفته أن يتيح للمشرع الاستثناء من هذا الأصل العام تقديرا منه لموجبات الصالح العام إذا ما قدر استثناءً مبررًا إيلاء بعض اختصاصات النيابة العامة إلى جهة أخرى، وهو استثناء تحكمه طبيعته، فلا يتقرر إلا لمن خوله الدستور سلطة القضاء، ولضرورة تقدر بقدرها، وبمراعاة الضوابط الدستورية، سواء في تعيين من يولى هذه الاختصاصات، أو القواعد والضمانات الحاكمة لممارستها.
الجريدة الرسمية